للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى الله، ويقولون (آمنا به كل من عند ربنا) أي: وما كان من عند ربنا فهو حق، سواء عرفنا كنهه أم لا.

وكلا القولين صحيح، وقد قال بكل منهما طائفة من السلف، والجمع بينهما على ما ذكرنا من اختلاف معنى التأويل أولى وأحسن"١.

كلامه في ذم الإلحاد في أسماء الله:-

إن النوع الباطل من التأويل يعد من الإلحاد في أسماء الله ومن الميل والعدول بها عن مرادها، وقد حذر الله عز وجل في كتابه من الإلحاد في أسمائه أشد التحذير، بعد أن بين أن له الأسماء الحسنى، فقال سبحانه:

{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ٢.

فالواجب على كل مسلم أن يقر ويعترف بجميع ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله من صفات الكمال وأن ينفي عنه ما نفاه عن نفسه وما نفاه عنه رسوله من صفات النقص من غير إلحاد فيها وذلك بأن يحرفها أو يعطلها عن معانيها أو يشبهها بأوصاف المخلوقين أو يكيفها أو غير ذلك من أنواع الإلحاد.

بل الواجب أن يثبتها على مراد الله وأن يحذر غاية الحذر من الإلحاد فيها.

والإلحادُ في أسماء الله له أنواع متعددة:

أـ أن يسمى بها من لا يستحقها مثل تسمية المشركين أصنامهم بأسماء الله فسموا العزى من العزيز واللات من إله وهكذا.

ب ـ أن تعطل عن معانيها كقول المعتزلة سميع بلا سمع بصير بلا بصر.

جـ ـ أن يشبه بها غيره؛ كقول المشبهة يد كأيدينا.

د ـ أن يحاول تكييفها ومعرفة كنهها.

وكل هذه الأنواع ترجع إلى الميل بها عن مراد الله منها، وقد ذم الشيخ ابن سعدي الإلحاد في أسماء الله وصفاته وحذر منه بجميع أنواعه، وبين أن نفي الإلحاد عن أسماء الله وصفاته من تمام الإيمان بها.

فقال رحمه الله (ونفي الإلحاد في أسماء الله وصفاته من تمام إثبات صفات الكمال


١ الفتاوى /١١٩، ١٢٠، وانظر التفسير ١/٣٥٨، الخلاصة ١٧٤.
٢ سورة الأعراف/ الآية ١٨٠.

<<  <   >  >>