للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من النصوص ما يدل على أن الله خلق الخلق لعبادته والإخلاص له، وأن ذلك حقه الواجب المفروض عليهم

أدلة استحقاق الله للعبادة:

هناك أمور كثيرة جداً تدل على أن الله وحده هو المستحق للعبادة دون من سواه، فبما أنه المتفرد بالخلق والرزق والإحياء والإماتة والتدبير فيجب أن يفرد بجميع أنواع العبادة وهذه تسمى دلالات التوحيد. وقد اهتم ابن سعدي بهذه الدلالات وبإيضاحها والتنبيه عليها، وذلك عند تفسيره للآيات التي اشتملت على هذه الدلالات فعند ذكره للآية يبين ما اشتملت عليه من دلالات وما تضمنته من براهين على وجوب إفراد الله بالعبادة. وفيما يلي ذكر بعض الأمثلة على ذلك:

١ـ "دقة صنع الله".

فمن أدلة استحقاق الله للعبادة، دقة صنعه لمخلوقاته:

قال ابن سعدي: "كلما تدبر العاقل في هذه المخلوقات وتغلغل فكره في بدائع المبتدعات، وازداد تأمله للصنعة وما أودع فيها من لطائف البر والحكمة علم بذلك أنها خلقت للحق وبالحق وأنها صحائف آيات وكتب دلالات على ما أخبر به الله عن نفسه ووحدانيته وما أخبرت به الرسل من اليوم الآخر وأنها مسخرات ليس لها تدبير ولا استعصاء على مدبرها ومصرفها.

فتعرف أن العالم العلوي والسفلي كلهم إليه مفتقرون وإليه صامدون وأنه الغني بالذات عن جميع المخلوقات فلا إله إلا الله ولا رب سواه"٢.

٢ـ "تعدد النعم ":

وهذه من أدلة استحقاق الله للعبادة، قال ابن سعدي رحمه الله: "إذا علم أن ما بالعباد من نعمة فمن الله، وأن أحداً من المخلوقات لا ينفع أحداً، علم أن الله هو المستحق لجميع أنواع العبادة، وأن يفرد بالمحبة والخوف والرجاء والتعظيم والتوكل وغير ذلك من أنواع الطاعات، وأن من أظلم الظلم وأقبح القبح أن يعدل عن عبادته إلى عبادة العبيد، وأن يشرك المخلوقين من تراب برب الأرباب، أو يعبد المخلوق المدبر العاجز من جميع الوجوه مع الخالق المدبِر القادر القوي الذي قهر كل شيء ودان له كل شيء"٣.


١ القول السديد /١٧.
٢ التفسير ١/١٩٤.
٣ التفسير ١/١٨٨، ١٨٩، وانظر الخطب المنبرية /٧٤، ٧٥.

<<  <   >  >>