للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٦ـ "وكونه النافع الضار المعطي المانع".

فمن اتصف بهذه الصفات فهو المعبود بحق ولا معبود بحق سواه، وهذا دليل عظيم على وجوب إفراد الله بالعبادة.

قال رحمه الله عند قوله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ١.

قال: "هذا من أعظم الأدلة على أن الله وحده المستحق للعبادة، فإنه النافع الضار المعطي المانع الذي إذا مس بضر كفقر ومرض ونحوها فلا كاشف له إلا هو؛ لأن الخلق لو اجتمعوا على أن يضروا أحداً لم يقدروا على شيء من ضرره إذا لم يرده"٢.

هذا وإن هناك عدة أمور إذا تأملها الإنسان وتبصر فيها هدته إلى أن الله هو المعبود بحق ولا معبود بحق سواه. أجملها الشيخ ابن سعدي في تسعة أمور ذكرها عند تفسيره لقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} ٣.

قال: "العلم لا بد فيه من إقرار القلب ومعرفته بمعنى ما طلب منه علمه وتمامه أن يعمل بمقتضاه.

وهذا العلم الذي أمر الله به وهو العلم بتوحيد الله فرض عين على كل إنسان لا يسقط عن أحد كائنا من كان، بل كل مضطر إلى ذلك.

والطريق إلى العلم بأنه لا إله إلا الله أمور:

أحدها: بل أعظمها تدبر أسمائه وصفاته الدالة على كماله وعظمته وجلاله فإنها توجب بذل الجهد في التأله والتعبد للرب الكامل الذي له كل حمد ومجد وجلال وجمال.

الثاني: العلم بأنه تعالى المنفرد بالخلق والتدبير فيعلم بذلك أنه المنفرد بالألوهية.

الثالث: العلم بأنه المنفرد بالنعم الظاهرة والباطنة الدينية والدنيوية فإن ذلك يوجب تعلق القلب به ومحبته والتأله له وحده لا شريك له.

الرابع: ما نراه ونسمعه من الثواب لأوليائه القائمين بتوحيده من النصر والنعم العاجلة ومن عقوبته لأعدائه المشركين به فإن هذا داع إلى العلم بأنه تعالى وحده المستحق للعبادة كلها.


١ سورة يونس/ الآية ١٠٧.
٢ التفسير ٣/٣٩٧.
٣ سورة محمد/ الآية ١٩.

<<  <   >  >>