للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى ما جرى على الأنبياء. قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ١ ومن أعظم الاقتداء بهم، الاقتداء بتعليماتهم وكيفية إلقاء العلم على حسب مراتب الخلق والصبر على التعليم والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن؛ وبهذا وأمثاله كان العلماء ورثة الأنبياء.

ومن فوائد معرفة الرسل صلى الله عليه وسلم معرفة الآيات القرآنية المنزلة عليه، وفهم المعنى والمراد منها موقوف على معرفة أحوال الرسول وسيرته مع قومه وأصحابه وغيرهم من الناس، فإن الأزمنة والأمكنة والأشخاص تختلف اختلافاً كثيراً، فلو أراد الإنسان أن يصرف همه لمعرفة معاني القرآن من دون معرفة منه لذلك لحصل من الغلط على الله وعلى رسوله وعلى مراد الله من كلامه شيء كثير، وهذا إنما يعرف من عرف كيف كثر حمل مراد الله ورسوله على العرف الحادث فوقع الخلل الكثير.

ولغير ذلك من الفوائد المفيدة والنتائج السديدة"٢.

وذكر هذه الجملة من الفوائد الحاصلة لمن عرف الرسل وآمن بهم يشعر بأهمية الإيمان بهم وشدة الحاجة إليهم.

كلامه في الإيمان بالنبوات على وجه الإجمال:

قبل الشروع في تفاصيل موضوع النبوات أرى من المناسب أن أذكر كلام الشيخ ابن سعدي عن الإيمان بالأنبياء على وجه الإجمال.

قال ابن سعدي في بيان هذا الأصل وما ينبغي للمسلم أن يقوم به نحوه إجمالاً:

"وهذا الأصل مبناه على أن يعترف ويعتقد بأن جميع الأنبياء قد اختصهم الله بوحيه وإرساله، وجعلهم وسائط بينه وبين خلقه في تبليغ شرعه ودينه وأن الله أيدهم بالبراهين الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به، وأنهم أكمل الخلق علماً وعملاً، وأصدقهم وأبرهم، وأكملهم أخلاقا وأعمالاً، وأن الله خصهم بخصائص وفضلهم بفضائل، لا يلحقهم فيها أحد.

وأن الله برأهم من كل خلق دنيء ورذيل، وأنهم معصومون في كل ما يبلغونه عن الله، وأنه لا يستقر في خبرهم وتبليغهم إلا الحق والصواب. وأنه يجب الإيمان بهم وبكل ما أتوه من الله ومحبتهم وتعظيمهم"٣.


١ سورة الأحزاب/ الآية ٢١.
٢ التفسير ١/٢٦، ٢٧، وانظر الخلاصة /١٠١.
٣ الفتاوى السعدية /١٤، وانظر سؤال وجواب /١٣، ١٤، ١٥.

<<  <   >  >>