للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لذا فإن ورثة الأنبياء، وهم العلماء الصالحون السائرون على منهج الأنبياء، قد اهتموا غاية الاهتمام ببيان هذا النوع من الإيمان وبينوا أهميته وشدة الحاجة إليه.

وممن سار في هذا الراكب وسلك هذا المنهج الصالح الشيخ ابن سعدي فقد اهتم رحمه الله ببيان هذا النوع اهتماما عظيماً وتناوله من جميع جوانبه في أكثر مؤلفاته.

فتناول الإيمان بنبوة جميع الأنبياء جملة وتفصيلا وخص بالذكر خاتمهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم.

وتناول كل ما يتعلق بالإيمان بالنبوات من جميع الجوانب على ما سيأتي بيانه في هذا الفصل.

كلامه في أهمية الإيمان بالنبوات:

إن من نظر وتأمل في الفوائد التي تحصل لمن آمن بالنبوات جميعها على الوجه المطلوب، عرف أهمية ذلك وتبين له شدة الحاجة إليه.

وقد عدد ابن سعدي جملة من الفوائد تحصل بسبب معرفة الأنبياء والإيمان بهم.

فبعد أن بين جملة من العلوم التي اشتمل عليه القرآن الكريم قال: "ومنها ـ أي هذه العلوم ـ ذكر الأنبياء وما أرسلوا به وما جرى لهم مع أممهم وفي ذلك فوائد:

ـ منها أن من تمام الإيمان بهم معرفتهم بصفاتهم وسيرهم وأحوالهم وكلما كان المؤمن بذلك أعرف كان أعظم إيماناً بهم ومحبة لهم وتعظيماً لهم وتعزيراً وتوقيراً.

ـ ومنها: أن من بعض حقوقهم علينا خصوصاً النبي صلى الله عليه وسلم معرفتهم ومحبتهم محبة صادقة ولا سبيل لذلك إلا بمعرفة أحوالهم.

ومنها: أن معرفة الأنبياء موجبة لشكر الله تعالى على ما من به على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا منهم يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة بعد أن كانوا في ضلال مبين.

ـ ومنها: أن الرسل هم المربون للمؤمنين الذين ما نال المؤمنون مثقال ذرة من الخير، واندفع عنهم مثقال ذرة من الشر إلا على أيديهم وبسببهم، فقبيح بالمؤمن أن يجهل حالة مربيه ومزكيه ومعلمه، وإذا كان المستنكر جهل الإنسان بحال أبويه ومباعدته لذلك فكيف بحالة الرسول الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أبوهم الحقيقي الذي حقه مقدم على سائر الحقوق بعد حق الله تعالى.

ـ ومنها: أن في معرفة ما جرى لهم وما جرى عليهم تحصل للمؤمنين الأسوة والقدرة ويخف عنهم كثير من المقلقات والمزعجات؛ لأنها مهما بلغت من الثقل والشدة فلا تصل

<<  <   >  >>