للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إضافة إلى هذا فهو يتعارض مع نصوص كثيرة تفيد أن النبي مأمور بالإبلاغ منها قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} ١، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ... } ٢.

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل أو الرجلان والنبي ليس معه أحد....." ٣. وهؤلاء إنما حصل لهم اتباع بسبب إبلاغهم وحي الله إلى الناس.

إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن النبي مأمور بالإبلاغ.

وهذا التعريف هو الشائع عند العلماء٤. وعليه يكون بين الرسول والنبي عموم وخصوص مطلق. فالنبوة داخلة في الرسالة، والرسالة أعم من جهة نفسها وأخص من جهة أهلها فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً، فالأنبياء أعم والنبوة نفسها جزء من الرسالة، فالرسالة تتناول النبوة وغيرها بخلاف النبوة فإنها لا تتناول الرسالة٥.

وقيل: الرسول من أوحي إليه بشرع جديد، والنبي هو المبعوث لتقرير شرع من قبله٦.

وهذا أيضاً يرد عليه اعتراض، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث أعواما بعد النبوة لم يؤمر فيها بالتبليغ، حتى نزلت عليه سورة المدثر. وأصبح رسولاً فأخذ يبلغ٧.

ومن خلال تتبعي لمؤلفات السعدي، لم أره تعرض لهذه المسألة إلا في موضع واحد، مال فيه إلى القول الأول.

فقال عند تفسيره لقوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً} ٨.

"....فالرسالة تقتضي تبليغ كلام المرسل، وتبليغ جميع ما جاء به من الشرع


١ سورة الأعراف/ الآية ٩٤.
٢ سورة الحج/ الآية ٥٢.
٣ أخرجه البخاري ٧/١٩٩، ومسلم ١/١٩٩، عن ابن عباس، واللفظ لمسلم.
٤ لوامع الأنوار البهية ١/٤٩، وشرح العقيدة الطحاوية /١٠٧، ومعارج القبول للحكمي ٢/٩٧.
٥ الإيمان لابن تيمية /٦، ٧.
٦ تفسير الألوسي ١٧/١٥٧، والكشاف للزمخشري ٢/٤١٤.
٧ تفسير القرآن العظيم ٤/٤٤٠.
٨ سورة مريم/ الآية ٥١.

<<  <   >  >>