للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

دقه وجله، والنبوة تقتضي إيحاء الله إليه وتخصيصه بإنزال الوحي إليه، فالنبوة بينه وبين ربه، والرسالة بينه وبين الخلق"١.

وقد تقدم معنا ما يرد على هذا التعريف من مآخذ واعتراضات؛ لذا فإني أرى أن أسلم تعريف للنبوة والرسالة.

هو ما ذكره شيخ الإسلام في كتاب النبوات حيث قال في بيان الفرق بين النبوة والرسالة: "والمقصود هنا الكلام على النبوة فالنبي هو الذي ينبئه الله، وهو نبيئ بما أنبأ الله به، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول، وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول"٢. والله أعلم.

كلامه عن التفاضل بين الأنبياء وأن بعضهم أفضل من بعض:

لقد ورد في القرآن الكريم ما يدل على أن الأنبياء متفاضلون، وأن بعضهم أفضل من بعض.

قال رحمه الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} ٣.

وقال: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً} ٤. فالآية الأولى تدل على أن هناك مفاضلة بين الرسل وأن بعض الرسل أفضل من بعض، والآية الثانية تدل أيضاً على أن هناك مفاضلة بين الأنبياء وأن بعضهم أفضل من بعض.

وقد أجمعت الأمة على أن الرسل أفضل من الأنبياء؛ لأنه كما تقدم الرسول أشمل وأعم من النبي إذ كل رسول نبي وليس كل نبي رسول.

وهذه المسألة "مسألة المفاضلة بين الرسل" تناولها ابن سعدي في مؤلفاته وبين أن هناك مفاضلة بين الرسل والأنبياء، كما بين من هو أفضلهم ومنهم أولو العزم من الرسل.

فقال عند تفسير لقوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ٥. "يخبر الباري أنه فاوت بين الرسل في الفضائل الجليلة والتخصصات الجميلة بحسب ما من


١ التفسير ٥/١١٦.
٢ النبوات لابن تيمية /٢٥٥.
٣ سورة البقرة/ الآية ٢٥٣.
٤ سورة الإسراء/ الآية ٥٥.
٥ سورة البقرة / الآية ٢٥٣.

<<  <   >  >>