للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا وقد تعرضنا لتفاصيل هذا الموضوع عند الحديث عن توحيد الألوهية وإنما هذه إشارة ناسب المقام ذكرها عند الحديث عن النبوات.

موقف طوائف الضلال من الأنبياء:

يتمثل قول جميع طوائف الضلال في الأنبياء عليهم السلام في طرفين كلاهما ذميم، الغلو والجفاء، أو الإفراط والتفريط.

ويتمثل جانب الغلو من الأمم السابقة في النصارى، وجانب الجفاء يتمثل في اليهود.

ومن أوضح الأمثلة المبينة لذلك: "موقف هاتين الطائفتين من عيسى عليه السلام".

فالنصارى غلو فيه عليه السلام فجعلوه تارة إلهاً وتارة ابن الإله، وثالث ثلاثة، وأما اليهود فقد جفوا في حقه عليه السلام فقالوا ـ وقبح الله قولهم ـ إنه ابن بغي.

قال ابن سعدي: "اختلفت فرق الضلال في عيسى عليه السلام من اليهود والنصارى وغيرهم، فمن غال فيه وجاف.

فمنهم من قال إنه الله، ومنهم من قال إنه ابن الله، ومنهم من قال إنه ثالث ثلاثة.

ومنهم من لم يجعله رسولاً بل رماه بأنه ولد بغي كاليهود. وكل هؤلاء مستحقون للوعيد الشديد"١.

وموقف أهل السنة هو التوسط بين جانبي الغلو والجفاء فيقولون إن عيسى رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وهكذا موقفهم مع جميع أنبياء الله ورسله ويؤمنون بهم جملة، ويؤمن بهم تفصيلاً وفقا لما ورد في الكتاب والسنة.

كلامه في مدعي النبوة:

قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} ٢.

هذه الآية دليل على أنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، فلا رسول بالطريق الأولى والأحرى؛ لأنه كما تقدم مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فإن كل رسول نبي ولا عكس.

وقد ورد في السنة أحاديث كثيرة تدل على أن الرسالات ختمت برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فلا نبي بعده ولا رسول.


١ التفسير ٥/١٠٦.
٢ سورة الأحزاب/ الآية ٤٠.

<<  <   >  >>