للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثم بين أن فتنة الدجال على نوعين فتنة جنس وفتنة شخص، فقال: " وفتنة الدجال نوعان:

فتنة جنس وفتنة شخص، فتنة الجنس كل فتنة يقارنها تمويهات ويقترن بها شبهات فإنها من جنس فتنة الدجال.

وفتنة الشخص خروج الدجال الذي صحت فيه الأحاديث التي لا ريب فيها وبهذا التقسيم الذي ذكره شيخ الإسلام في التسعينية يفهم فائدة الاستعاذة بالله من فتنته؛ لأن الذي يدرك شخصه من الأمة قليل جداً بالنسبة إلى من لم يدرك شخصه.

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "من سمع بالدجال فلينأ عنه "١ أي يبعد ليسلم من فتنته.

ثم ساق عبارة شيخ الإسلام في السبعينية وهي قوله: "وفتنة الدجال لا تختص بالموجودين في زمانه بل حقيقة فتنته الباطل المخالف للشريعة المقرون بالخوارق فمن أقر بما يخالف الشريعة لخارق فقد أصابه نوع من هذه الفتنة، وهذا كثير في كل زمان ومكان.

لكن هذا المعين فتنته أعظم الفتن فإذا عصم الله عبده منها سواء أدركه أو لم يدركه كان معصوماً مما هو دون هذه الفتنة.

إلى أن قال: "ومعلوم أن ما ذكر معه من التعوذ من عذاب جهنم والقبر وفتنة المحيا والممات أمر به كل مصل إذ هذه الفتن جارية على كل أحد ولا نجاة إلا بالنجاة منها فدل على أن فتنة الدجال كذلك.

ولو لم تصب فتنته إلا مجرد الذين يدركونه لم يؤمن بذلك كل الخلق مع العلم بأن جماهير الخلق لا يدركونه، ولا يدركه إلا أقل القليل من الناس المأمورين بهذا الدعاء.

وهكذا إنذار الرسل إياه أممهم يقتضي تخويف عموم فتنته، وأن تأخر وجود شخصه حتى يقتله المسيح.

وكثيرا ما وقع بقلبي أن هؤلاء الاتحادية أحق الناس باتباع الدجال ومع هذا فقد جرى للمؤمنين مع أتباعهم من المحنة الواقعة في الإسلام. ومعلوم أن هذه الفتنة هي نتيجة محنة الدجال، بل هذه النتيجة أقرب إلى محنة الدجال من غيرها"٢ انتهى كلام الشيخ.


١ أخرجه أحمد في مسنده ٤/٤٣١، وأبو داود ٤/١١٦، والحاكم ٤/٥٣١، كلهم من طريق حميد بن هلال عن أبي الدهماء عن عمران بن حصين رضي الله عنهم وإسناد أبي داود رجاله ثقات وهم من رجال مسلم، وكذا إسناد أحمد في إحدى روايته، وعن الرواية الثانية قال ابن كثير في النهاية ١/١٤٦، "هذا إسناد جيد" أ. هـ.
٢ السبعينية لابن تيمية ٥/١٣٣ ضمن مجموعة الفتاوى المصرية.

<<  <   >  >>