للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: الإيمان باليوم الآخر بعد البعث]

تقدم معنا في مطلع هذا الفصل حديثٌ مجملٌ عن وجوب الإيمان باليوم الآخر وأنه أحد أركان الإيمان الستة، وأنه من الإيمان بالغيب، وتحدثنا عن الفوائد العظيمة الحاصلة لمن آمن به.

وأما حديثنا هنا فسيكون عن بعض تفاصيل أحوال اليوم الآخر بعد النفخ في الصور والبعث والنشور، مما يكون في ذلك اليوم من أهوال وشدائد، وما فيه من حشر للخلائق وعرض للأعمال، وعن الميزان والصراط والحوض والشفاعة، وعن الجنة وما فيها من النعيم المقيم، وعن النار وما فيها من العذاب الأليم.

وغير ذلك من أحوال ذلك اليوم، مما تواترت به النصوص، ووجب الإيمان به.

وهذه الأمور المتقدمة تناولها ابن سعدي في مؤلفاته، وبين أنها حق، وأن الإيمان بها واجب، وأنها داخلة في الإيمان باليوم الآخر، إذ كل من ورد ذكره في القرآن الكريم أو في السنة المطهرة من أحوال ذلك اليوم كله داخل في الإيمان باليوم الآخر.

قال ابن سعدي في إحدى خطبه مبينا ما ينبغي للمسلمين اعتقاده في اليوم الآخر:

"ونؤمن بجميع ما جاء به الكتاب والسنة من أحوال اليوم الآخر والشفاعة والحوض والميزان والصراط وصحائف الأعمال، وما ذكر من صفات الجنة والنار وصفات أهلهما، وكل ذلك حق لا ريب فيه وكله داخل في الإيمان باليوم الآخر"١.

وقال في موضع آخر من مؤلفاته: "فكل ما جاء به الكتاب والسنة، مما يكون بعد الموت فإنه من الإيمان باليوم الآخر كأحوال البرزخ وأحوال يوم القيامة وما فيه من الحساب والثواب والعقاب والشفاعة والميزان والصحف المأخوذة باليمين والشمال، وأحوال الجنة والنار، وصفات أهلهما، وأنواع ما أعده الله فيهما لأهلهما إجمالاً وتفصيلاٍ، وكل ذلك داخل في الإيمان باليوم الآخر"٢


١ الخطب المنبرية /٧٦.
٢ الفتاوى السعدية /١٦.

<<  <   >  >>