للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد كان ابن سعدي يعنى في مؤلفاته ببيان ما ورد ذكره في القرآن والسنة مما يتعلق باليوم الآخر، فتحدث عن الحشر ووزن الأعمال والشفاعة والحوض والصراط والجنة والنار وغيرها.

وفيما يلي أذكر منها وكلام ابن سعدي فيها:

كلامه في الحشر والموازين:

بعد بعث الناس وخروجهم من قبورهم، يقفون في المحشر أمام ربهم، لينالوا جزاء أعمالهم في الدنيا، وهو يوم عصيب لا يعلم هَوْلَه وعِظمه إلا الله، يجمع الله فيه الأولين والآخرين من الخلق إنسهم وجنهم وصغيرهم وكبيرهم حتى الوحوش فإنها تحشر، وذلك كله من كمال عدله سبحانه ولطفه وإحسانه.

قال تعالى: {وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} ١.

وقال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} ٢.

وقال تعالى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} ٣.

وقال تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} ٤.

وقال ابن سعدي في وصف ذلك اليوم: "إذا نفخ في الصور نفخة البعث يقوم الناس من أجداثهم كاملي الخلقة ينظرون ما يستقبلهم من هذه الحياة الأخروية التي يجازي فيها العباد بأعمالهم حسنها وسيئها.

أما المؤمنون الطائعون فيقفون مطمئنين طامعين في فضل ربهم ورحمته مستبشرين بثوابه وعفوه ومغفرته، وأما المجرمون فيقفون فزعين خائفين متحسرين يدعون بالويل والثبور، يقولون: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا؟ فيساقون إلى جهنم ورداً فحينئذ تكثر القلاقل والأهوال ويشيب الولدان من هول ذلك اليوم وفظاعته {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} ٥.

{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ


١ سورة الكهف/ الآية ٤٧.
٢ سورة المائدة/ الآية ٩٦.
٣ سورة ق/ الآية ٤٤.
٤ سورة التكوير/ الآية ٥.
٥ سورة الحج/ الآية ٢.

<<  <   >  >>