للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يُغْنِيهِ. وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ. ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ. وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ. تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ. أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} ١، {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً. الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً} ٢.، وتكور الشمس والقمر وتنتشر النجوم فتذهب هذه الأنوار المشاهدة وتشرق الأرض بنور ربها، وينزل الله لفصل القضاء بين عباده ومحاسبتهم على أعمالهم، أما المؤمنون فيحاسبون حساباً يسيراً يقررهم بذنوبهم ثم يغفرها ويسترها عن الخلائق. ويضاعف لهم الحسنات ويعطيهم من فضله وإحسانه ما لا تبلغه أعمالهم، ويعطون كتبهم بأيمانهم إكراماً واحتراما كما تبيض وجوههم وتثقل موازينهم. ويغتبطون بذلك ويستبشرون به فيقولون لإخوانهم ومعارفهم ومجيبهم هاؤم اقرؤوا كتابية إني ظننت ـ أي: أيقنت ـ أني ملاق حسابية فهو في عيشة راضية ... الآيات٣، ويساقون إلى الجنة زمراً كل طائفة منهم مع نظرائهم في الخير بحسب طبقاتهم وسبقهم....

ثم قال: وأما الكافرون المجرمون فيحاسبهم الله على ما أسلفوه من الجرائم ويقرعهم ويخزيهم بين الخلائق، ويعطون كتبهم من وراء ظهورهم بشمائلهم، وتسود منهم الوجوه، وتخفف موازينهم، ويساقون إلى جهنم جياعاً عطاشاً منزعجين مرعوبين زمراً، كل طائفة تحشر مع نظيرها من أهل الشر...."٤.

وقال عند تفسيره لقوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} ٥.

"ويحشر الله جميع الخلق على تلك الأرض فلا يغادر منهم أحداً بل يجمع الأولين والآخرين، من بطون الفلوات، وفغور البحار ويجمعهم بعد ما تفرقوا ويعيدهم بعد ما تمزقوا خلقاً جديداً.

فيعرضون عليه صفاً ليستعرضهم وينظر في أعمالهم ويحكم فيهم بحكمه العدل الذي لا جور فيه ولا ظلم، ويقول لهم: {لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} ٦ أي بلا مال ولا أهل ولا عشيرة، ما معهم إلا الأعمال والمكاسب في الخير والشر التي كسبوها


١ سورة عبس/ الآيات ٣٤-٤٢.
٢ سورة الفرقان/ الآيتان ٢٥، ٢٦.
٣ سورة الحاقة / الآيات ١٩: ٣٧.
٤ الخلاصة /٢٦، ٢٧، ٢٨. بتصرف.
٥ سورة الكهف/ الآية ٤٧.
٦ سورة الكهف/ الآية ٤٨.

<<  <   >  >>