للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كما قال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ} ١. ... "٢.

ثم بعد ذلك تنشر الدواوين وتوزن الأعمال فآخذ كتابه باليمين، وآخذ كتابه بالشمال.

{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ. إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ. فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ. فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ. قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ. كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ. وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ. وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ. يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ. مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ. خُذُوهُ فَغُلُّوهُ. ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ. ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ} ٣.

قال ابن سعدي: "وحينئذ تحضر الأعمال التي كتبها الملائكة الأبرار فتطير لها القلوب وتعظم من وقعها الكروب وتكاد لها الصم الصلاب تذوب"٤.

وقال: "وفي يوم القيامة مواضع يشتد كربها ويعظم وقعها كالميزان الذي يميز به أعمال العباد وينظر فيه بالعدل ماله وما عليه، وتبين فيه مثاقيل الذر من الخير والشر.

فمن ثقلت موازينه بأن رجحت حسناته على سيئاته فأولئك هم المفلحون لنجاتهم من النار واستحقاقهم الجنة وفوزهم بالثناء الجميل.

ومن خفت موازينه بأن رجحت سيئاته على حسناته وأحاطت به خطيئته فأولئك الذين خسروا أنفسهم خسارة أبدية وشقاوة سرمدية في جهنم خالدون لا يخرجون منها أبدا الآبدين"٥.

كلامه في الحوض المورود:

لقد تواترت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ثبوت الحوض المورود في عرصات القيامة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في السنة أوصاف كثيرة لهذا الحوض.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حوضي


١ سورة الأنعام/ الآية ٩٤.
٢ التفسير ٥/٤٥، ٤٦.
٣ سورة الحاقة/ الآيات ١٩: ٣٢.
٤ التفسير ٥/٤٦.
٥ التفسير ٥/٣٨٠، بتصرف.

<<  <   >  >>