للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا الكلام الجامع في الشفاعة الذي ذكره شيخ الإسلام دلت عليه نصوص كثيرة في الكتاب والسنة.

منها: قوله تعالى: {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} ١.

وقوله: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} ٢.

وقوله: {يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} ٣.

وقوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} ٤.

ومن أدلة السنة حديث أنس بن مالك الطويل " في ذكر الشفاعة وفيه أن الناس يأتون آدم ليشفع لهم فيعتذر ويأتون إبراهيم فيعتذر ويأتون موسى فيعتذر ويأتون عيسى فيعتذر ثم يأتون محمداً صلى الله عليه وسلم فيقول "أنا لها".قال صلى الله عليه وسلم: "فأنطلق فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، فأقوم بين يديه، فأحمده بمحامد لا أقدر عليه إلا أن يلهمنيه الله، ثم أخر له ساجداً فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأقول رب أمتي أمتي، فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من برة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها فأنطلق فأفعل، ثم أرجع إلى ربي فأحمد بتلك المحامد ثم أخر له ساجداً، فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأقول أمتي أمتي فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل"٥.

وعلى هذا فإن الشفاعة حق، وهي ثابتة للرسول صلى لله عليه وسلم، ولمن يأذن الله عز وجل من النبيين والصديقين والملائكة.

قال ابن سعدي: "وأما الشفاعة عنده بإذنه من الأنبياء والأصفياء لأهل الجرائم فإنها ثابتة كما أثبتها في عدة مواضع من كتابه؛ وذلك لأنها دالة على كمال رحمته وعموم إحسانه فإنها من رحمته بالشافع والمشفوع له، فالشافع ينال بها الأجر والثناء من الله ومن خلقه، والمشفوع له يرحمه الله على يد من أذن له بالشفاعة فيه، ومع هذا فلا يأذن لأحد


١ سورة يونس/ الآية ٣.
٢ سورة الأنبياء/ الآية ٢٨.
٣ سورة طه/ الآية ١٠٩.
٤ سورة البقرة/ الآية ٢٥٥.
٥ أخرجه مسلم ١/١٨٢.

<<  <   >  >>