الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات، أحمده على توفيقه، وأثني عليه الخير كله، لا أحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه.
وبعد: فقد تمت هذه الرسالة بحمد الله تعالى، وقد عنيت فيها ببيان جهود العلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي العقدية، والتي تنمي عن حرصه الشديد وجهوده المكثفة لنصرة هذه العقيدة.
وعرضنا هذا لجهوده يبين لنا شدة عنايته بالعقيدة بجميع جوانبها، فكما تقدم في الرسالة كان حديثه عن العقيدة شاملاً لجوانب كثيرة وجزئيات متنوعة ونقاط متعددة من جوانب العقيدة، شاملاً أيضاً للردود على كل من خالف هذه العقيدة الصافية المأخوذة من الكتاب والسنة، والتي لا فلاح ولا نجاح ولا سعادة إلا بتحقيقها.
وكلامه في هذا كله مدعم بالأدلة النقلية، أدلة الكتاب والسنة، فهو في كل مسألة يبينها وينصرها، وفي كل شبهة يدحضها ويبين بطلانها وزيفها، يستدل على ذلك بأدلة صحيحة صريحة واضحة في الدلالة على المقصود، لا لبس فيها ولا غموض، بعيدة عن تكلفات الفلاسفة والمؤولة والمعطلة وغيرهم، فهو ينهج في تقريراته وردوده منهج السلف الصالح، يرتسم خطاهم ويسير على نهجهم ويقتفي آثارهم، وقد استفاد كثيراً من كتب المتقدمين من علماء السلف وذلك لعنايته الشديدة بها.
كما تأثر رحمه الله بالعالمين الجليلين الذين خدما العقيدة خدمة جليلة، وهما شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم الجوزية، فقد استفاد رحمه الله كثيراً من كتبهما واعتنى بها عناية شديدة فشرح بعضها واختصر بعضها واستخرج قواعد وضوابط من أكثرها، وكان يثني عليها ويحث طلابه على قراءتها وقد ظهر تأثره بهما في تقريراته وردوده في مؤلفاته.
كما عنيت في هذه الرسالة بدارسة شاملة لحياة ابن سعدي تناولت فيها جانبي حياته الشخصي والعلمي، وقد ظهر لنا فيها حرص الشيخ منذ نشأته على طلب العلم وتحصيله فقد أمضى حياته وأفنى جميع أوقاته في العلم حفظاً ودارسة وتحصيلاً وعملاً وتطبيقاً وتدريساً ولا يصرفه عنه أي أمر من الأمور.