للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى في بيان ذلك أيضا: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} ١.

قال ابن سعدي: "ليس جحدهم مستنداً إلى الشك والريب، وإنما جحدهم مع علمهم وتيقنهم بصحتها ظلماً منهم لحق ربهم ولأنفسهم، وعلوا على الحق وعلى العباد وعلى الانقياد للرسل"٢.

وأيضا إبليس لعنه الله، وهو أضل الخلق على الإطلاق، يقر بهذا التوحيد ويعترف به: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} ٣.

{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ٤.

{قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً} ٥، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

فهو يقر ويعترف بأن الله هو الرب، وأنه الخالق المدبر.

وبالجملة هذا النوع من التوحيد لا ينكره أحد إلا مكابر أو معاند.

كلامه عن ظاهرة الإلحاد والملحدين:

إلا أنه ظهر في الأزمان المتأخرة طائفة خبيثة بلغ بها الزيغ والضلال إلى أن أنكرت وجود الرب، وقالوا إن هذا الكون حدث من قبيل الصدفة، وليس له خالق ولا موجد، فضلوا بذلك ضلالاً مبيناً، وهؤلاء هم الماديون الملحدون.

وقد تصدى لهم علماء الإسلام فأنكروا باطلهم وبينوا ضلالهم، في مؤلفات كثيرة، ومن أبرز من كتب فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث نقض ما قعدوا من قواعد وهدم ما أصلوا من أصول وبين عوارهم وزيغهم، وبعدهم عن الصراط المستقيم.

ومن جملة من كتب في هؤلاء وأجاد الشيخ ابن سعدي حيث إنه تناول هذه الطائفة الخبيثة في مؤلفاته، وأظهر زيغها وفساد معتقدها.

قال رحمه الله في التعريف بهذه الطائفة:

"وقد نبغت في هذه الأزمان المتأخرة فرقة خبيثة، هم من أضل الخلق وأجهلهم


١ سورة النمل/ الآية ١٤.
٢ التفسير ٥/٥٦٥، ٥٦٦.
٣ سورة الحجر/ الآية ٣٦.
٤ سورة الحجر/ الآية ٣٩.
٥ سورة الإسراء/ الآية ٦١.

<<  <   >  >>