للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأعظمهم غروراً، وهم الماديون الملحدون"١.

وبين أن سبب ضلالهم هو ما أوغلوا فيه من علوم الطبيعة فقال إنهم " ... اغتروا لما عرفوا بعض العلوم الطبيعية ووقفت عقولهم عندها، وقالوا لا نثبت إلا ما وصلت إليه معارفنا وعقولنا وما سوى ذلك ننفيه ولا نعترف به"٢.

فأنكروا بذلك خالق الكون ومسخره، ونسبوا الخلق والإيجاد والتصرف إلى الطبيعة، وقالوا لا نؤمن إلا بالأشياء المادية المحسوسة.

وقد وضعوا لباطلهم هذا أصولاً يمشون عليها ويقلد بعضهم بعضاً فيها، وهذه الأصول كلها في غاية الضعف والفساد، قال عنها ابن سعدي رحمه الله: "وهي في غاية الفساد، يكفي اللبيب مجرد تصورها عن إقامة البراهين على نقضها، لكونها مناقضة للعقل والنقل ولكنهم زخرفوها وروجوها فانخدع بها أكثر الخلق"٣.

وقد بين ابن سعدي رحمه الله أن عندهم أصولاً كثيرة يبنون عليها عقائدهم وأن هذه الأصول ترجع إلى أصل خبيث فاسد، وبين مصدره.

فقال: "وأعظمها عندهم أصل خبيث منقول عن معلمهم الأول أرسطو اليوناني المعروف بالإلحاد والجحد لرب العالمين ... وهو أنه من أراد الشروع في المعارف الإلهية فليمح من قلبه جميع العلوم والاعتقادات، وليسع في إزالتها من قلبه بحسب مقدوره، وليشك في الأشياء، ثم ليكتف بعقله وخياله ورأيه.

وكملوا هذا الأصل الخبيث بحصرهم للمعلومات بالمحسوسات، وما سوى ما أدركوه بحواسهم نفوه"٤.

ثم بين أن هذا الأصل أفسد عليهم علومهم وعقولهم وأديانهم، وذكر أن العلماء بينوا بطلان أصولهم، وأن من أبلغ من كتب في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.

ثم إنه ـ رحمه الله ـ قد اهتم ببيان فساد هذا الأصل اهتماماً كبيراً وأطال في نقضه وإظهار بطلانه.

قال: "إن هؤلاء الملحدين حصروا العلوم المدركة في دائرة ضيقة، فما أدركوه بحواسهم وتجاربهم أثبتوه، وما لم يدركوه بذلك نفوه وأنكروه فأنكروا من أجل ذلك علوم


١ الخلاصة/١٠٥، ١٠٦، والخلاصة/١٩٠، ١٩١.
٢ الفتاوى السعدية/٤٦.
٣ الأدلة القواطع/٣.
٤ الأدلة القواطع /٤.

<<  <   >  >>