للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عليهم وبيان زيغهم من ثلاثة وثمانين وجهاً، اختار جملة منها من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، الذي ظهر تأثره بهما على مؤلفاته كما مر معنا في المقدمة.

وكانت ردوده عليهم في غاية القوة والرصانة، ولجودتها ورصانتها استحقت أن توصف هذه الردود وهذا الكتاب بأنه "نازل جميع طوائف الملحدين وتحداهم وأبطل أصولهم وفند مآخذهم وهدم قواعدهم وزلزل بنيانهم وبين مخالفتهم للعقل والفطرة كما خالفوا جميع الأديان الصحيحة"١.

وهذه نماذج من هذه الأوجه التي رد بها الشيخ على هؤلاء الملحدين. وأكثرها خاصة بأصلهم الفاسد المتقدم ذكره وهو:

ـ "أنه من أراد الشروع في المعارف الإلهية فليمح من قلبه جميع العلوم والاعتقادات....."٢.

ذكر بعض هذه الأوجه:-

ـ "أن يقال هذه الوصية مخالفة لما بعث الله به رسله وأنزل كتبه فإنه بعث رسله مذكرين للعباد ما فطروا عليه من الإقرار بوحدانية الله ووجوب شكر نعمه، وافتراض الحب الكامل والتعظيم التام لله المتفضل بالنعم الظاهرة والباطنة، ومذكرين لهم بالأمر بما فطرت العقول على استحسانه كالصدق والبر والإحسان والأخلاق الجميلة، وبالنهي عما فطرت العقول على استقباحه من الكذب والظلم والعدوان وجميع الأخلاق الرذيلة، فكيف يؤمر الناس أن يمحوا من قلوبهم وفطرهم هذه الأمور؟

وهل هذا إلا نهي عن جميع مواد السعادة والفلاح والصلاح، وأمر بكل منكر وفحشاء وسوء وشر وفساد؟

وفي هذا من تقويض دعائم الخير والصلاح، والاستبدال بها أصول الشر والفساد والفوضى في العلوم والعقائد والأخلاق، ما لا منتهى لشره وضرره"٣.

ـ"إن المقصود الأعظم من تأصيل هذا الأصل الخبيث الكفر بما جاءت به الرسل والانحلال عنه وإلا فأهله من أكذب الناس فإنهم متمسكون غاية التمسك بما عليه أئمتهم الملحدون، وأقوالهم وعقائدهم مقدمة عندهم على ما جاءت به الرسل ويتعصبون لها غاية التعصب، فلو كانوا صادقين محقين لوجب عليهم أن يمحوا من قلوبهم أقوال أئمتهم وعقائدهم التي ما زالوا متمسكين بها ومقلدين لها تقليداً أعمى،


١ الأدلة القواطع والبراهين/٨٧.
٢ الأدلة القواطع والبراهين/٤.
٣ الأدلة القواطع والبراهين/٧.

<<  <   >  >>