مشيئة الله العامة الشاملة للذوات والأفعال والصفات. وإثبات قدرة العبد على أفعاله وأقواله"١.
ونظراً لدخول إثبات القضاء والقدر في توحيد الربوبية، فقد جعلت الحديث عنه عقب الحديث عن توحيد الربوبية.
وقد تحدث ابن سعدي عن مسألة القضاء والقدر كثيراً، وأفرد فيها رسالة خاصة شرح فيها قصيدة ابن تيمية التائية في الرد على القدرية، وبين مراتب القدر، وذكر أقوال الناس فيه، وأيد مذهب أهل السنة والجماعة بالأدلة والبراهين، وبين بطلان أقوال الطوائف المنحرفة، وبين أن أفعال العباد مخلوقة وأنهم فاعلون لها بمشيئتهم وقدرتهم إلى غير ذلك من المسائل المتعلقة بالإيمان بالقضاء والقدر.
وحديثنا هنا سيتناول عدة جوانب وهي:-
(١) بيان ابن سعدي أن الإيمان بالقضاء والقدر لا يمنع من فعل الأسباب.
(٢) بيانه لمراتب القدر.
(٣) تقسيمه للطوائف المنحرفة في القدر ورده عليهم.
(٤) بيانه لمذهب أهل السنة والجماعة في القدر وتأييده له بالأدلة.
أولا: بيان ابن سعدي أن الإيمان بالقضاء والقدر لا يمنع من فعل الأسباب:
وهذه مسألة هامة غلط فيها كثير من الناس، حيث توهموا أن فعل الأسباب وتعاطيها ينافي التوكل والاعتماد على الله، وينافي الإيمان بالقضاء والقدر. وفهموا أن الإيمان بالقضاء والقدر يعني الخمول وترك فعل الأسباب.
وهذا غلط بين وهو ناتج من عدم فهم الإيمان بالقضاء والقدر على الوجه المطلوب وقد وضح ابن سعدي هذه المسألة وبينها بياناً فقال: "الإيمان بالقدر يتفق مع الأسباب، فمباشرة الأسباب والاجتهاد في الأعمال النافعة يحقق للعبد تمام الإيمان بالقضاء والقدر، فإن الله قدر المقادير بأسبابها وطرقها، وتلك الأسباب والطرق هي محل حكمة الله فإن الحكمة: وضع الأشياء مواضعها وتنزيل الأمور منازلها اللائقة بها. فقضاء الله وقدره وحكمته متفقات. كل واحد منها يمد الآخر ولا يناقضه.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل وقيل له يا رسول الله، أرأيت رقي نسترقيها،