للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والمقصود أن من اعترف بوجود الله من غير إفراد له بالعبادة ومن غير إقرار بأسمائه الحسنى فإن إيمانه بوجود الله لا ينفعه، بل لا بد مع الإقرار أن يجرد التوحيد لله وحده، وسيأتي بيان ذلك في توحيد الألوهية.

القضاء والقدر:

إن الإيمان بالقضاء والقدر أحد أركان الإيمان الستة، كما جاء في حديث جبريل"وأن تؤمن بالقدر خيره وشره"١.

وقد دل على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر نصوص كثيرة.

قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} ٢.

وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} ٣.

وقال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} ٤.

وقال تعالى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً} ٥.

والإيمان بالقضاء والقدر داخل في الإيمان بربوبية الله على خلقه إذ أن من آمن بأن الله هو الخالق المدبر المتصرف في شؤون خلقه كلها فهو مؤمن بالقضاء والقدر.

وقد أشار ابن سعدي إلى دخول الإيمان بالقضاء والقدر في الإيمان بربوبية الله.

فبعد أن عرف توحيد الربوبية بأنه اعتقاد انفراد الرب بالخلق والرزق والتدبير قال: " فدخل في توحيد الربوبية إثبات القضاء والقدر، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه على كل شيء قدير وأنه الغني الحميد وما سواه فقير إليه من كل وجه"٦.

وقال: "ولا يتم توحيد الربوبية حتى يعتقد العبد أن جميع أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وأن مشيئتهم تابعة لمشيئة الله، وأن لهم قدرة وإرادة تقع بها أفعالهم، وهي متعلقة بالمدح والذم والأمر والنهي والثواب والعقاب، وأنه لا يتنافى الأمران: إثبات


١ أخرجه مسلم ١/٣٧، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
٢ سورة القمر/ الآية ٤٩.
٣ سورة الحديد/ الآية ٢٢.
٤ سورة التوبة/ الآية ٥١.
٥ سورة الأحزاب/ الآية ٣٨.
٦ الفتاوى السعدية/١١.

<<  <   >  >>