للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في العقيدة يمتاز بالشمول كما هو حال السلف الصالح في ذلك أي أنهم يتناولون في خدمتهم للعقيدة تأصيل القواعد، وشرح الأصول، والرد على المخالفين وإن كانوا من الماديين الملحدين المنكرين لوجود الرب سبحانه وغيرهم.

وهذا يبين لنا عدم صحة قول من يقول إن السلف ومن سار على نهجهم لا يهتمون بالرد على الملحدين والشيوعيين وغيرهم، وإنما كلامهم قاصر على توضيح توحيد الأسماء والصفات.

فقد ظهر لك أيها القارئ: أن الشيخ ابن سعدي ومن قبله ابن تيمية قد تناولوا مثل هذه المشاكل وبينوا فسادها وضلالها كما تناولوا غيرها.

فليس ردهم قاصراً على طائفة معينة أو فرقة معينة، وإنما ردهم شامل لكل من خالف عقيدة التوحيد، وهذا هو المنهج الحق الذي يجب أن يسار عليه.

والخلاصة من كل ما تقدم هو ما قاله رحمه الله "إن جميع أهل الأديان من المسلمين واليهود والنصارى وغيرهم حتى المشركين متفقون على إثبات ربوبية الله وأنه الأول الذي ليس قبله شيء الخالق لكل شيء الرازق المدبر لكل شيء، وأئمتهم في هذه الأنبياء والمرسلون، وأهل الهدى من العلماء الربانيين أهل العلوم الغزيرة والمعارف الصافية، الأولين منهم والآخرين على هذا الأصل العظيم متفقون، على علم وبصيرة ويقين قد اطمأنت قلوبهم بذلك وسكنت نفوسهم به وصار في قلوبهم أكبر الحقائق وأصحها وأوضحها وخالفهم من هذا شرذمة من زنادقة الدهريين الذين يقولون {مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} ١.

وسلك سبيلهم زنادقة الماديين، وهم لم ينكروا ذلك عن علم دلهم عليه ولا سمع ولا عقل ولا فطرة، إنما هو مجرد استبعادات وجحود ومكابرات"٢.

وليست المشكلة في هؤلاء الملحدين إنكارهم لوجود الرب فقط بل إنهم لو اعترفوا بوجوده فإن ذلك لا يكفي في دخولهم الإسلام بل تصبح حالهم كحال المشركين الذين حاربهم الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك يقول ابن سعدي: "إن كل برهان أبطل الله به الشرك وقرر به التوحيد فهو برهان على بطلان الإلحاد والجحود؛ لأن المشركين يعترفون بالله ويعلمون أنه الخالق الرازق المدبر، ولكنهم يشركون في عبادتهم فيعبدون الله ويعبدون غيره"٣.


١ سورة الجاثية/ الآية ٢٤.
٢ الأدلة القواطع والبراهين/٨٠.
٣ الأدلة القواطع والبراهين/٦٥.

<<  <   >  >>