للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وولى الآخرين ما تولوا لأنفسهم حيث اختاروا الشر على الخير وأسباب العقاب على أسباب الثواب، وهذا كما أنه معلوم بالضرورة فهو معلوم بالحس الذي لا يمكن أحداً المكابرة فيه، فإن العبد يفرق بين أفعاله التي يقسر ويجبر ويقهر عليها، وبين أفعاله التي يختارها ويريدها ويحب حصولها"١.

وقال رحمه الله في بيان أفعال العباد: "أفعال العباد كلها من الطاعات والمعاصي داخلة في خلق الله وقضائه وقدره ولكنهم هم الفاعلون لها لم يجبرهم الله عليها مع أنها واقعة بمشيئتهم وقدرتهم فهي فعلهم حقيقة فهم الموصوفون بها المثابون والمعاقبون عليها وهي خلق الله حقيقة فإن الله خلقهم وخلق مشيئتهم وقدرتهم وجميع ما يقع بذلك، فنؤمن بجميع نصوص الكتاب والسنة الدالة على شمول خلق الله وقدرته لكل شيء من الأعيان والأوصاف والأفعال كما نؤمن بنصوص الكتاب والسنة الدالة على أن العباد هم الفاعلون حقيقة للخير والشر وأنهم مختارون لأفعالهم فإن الله خالق قدرتهم وإرادتهم وهما السبب في وجود أفعالهم وأقوالهم وخالق السبب التام خالق للمسبب، والله أعظم وأعدل من أن يجبرهم عليها"٢.

وهذا آخر الحديث عن القضاء والقدر، وبه نصل إلى نهاية المبحث الأول المتعلق بتوحيد الربوبية، ويجدر أن أشير إلى أن توحيد الربوبية يدخل ضمن توحيد الأسماء والصفات؛ وذلك لأن الرب اسم من أسماء الله، والربوبية صفة من صفاته، والله أعلم.


١ الدرة البهية /١٣، ١٤، ١٥، وانظر أيضاً الخلاصة /١٧٩، والحق الواضح المبين /٨ و٢٠.
٢ سؤال وجواب /١٠، وانظر أيضاً: توضيح الكافية الشافية /١٣، ١٤.

<<  <   >  >>