للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلاف فالبعض نسبهما إلى الاتحاد والحلول ووحدة الوجود، وطعن في سلوكهما والبعض الآخر نفى هذا عنهما وبرأ ساحتهما، كان ابن تيمية القائد الأول لحركة الطعن التي وجهت فيها سهام التكفير إلى أصحاب الأذواق والمواجيد.

ومن الناعين الناقدين على انحرافات الصوفية التي عمت في القرن السادس الهجري الفقيه الحنبلي أبو الفرج بن الجوزي وكتابه"تلبيس إبليس" صورة واضحة لما عابه عليهم وما وجهه إليهم من نقد حول الأخذ بالحقيقة دون الشريعة ومن ذم العلم إلى آخر ما ورد في كتبه.

ومن أجل هذا لم يتردد ابن تيمية في تكفيرهم، بل اعتبرهم اشد كفرا من اليهود والنصارى:" الباطن والظاهر ... والشريعة والحقيقة كل هذا مردود إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا إلى المشايخ والفقراء ولا إلى الملوك والأمراء ولا إلى العلماء والقضاة وغيرهم، بل جميع الخلق عليهم طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. (١)

ويذهب إلى نفس الرأي ابن عبد الوهاب فيقول:" إني عثرت على أوراق عند ابن عزاز فيها اجازات له من عند مشايخه، وشيخ مشايخه رجل يقال له عبد الغني، ويثنون عليه في أوراقهم ويسمونه العارف بالله، وهذا اشتهر عنه انه درس دين ابن عربي الذي ذكر العلماء: أنه أكفر من فرعون حتى قال ابن المقري الشافعي:" من شك في كفر طائفة ابن عربي فهو كافر". (٢)

هذه وقفة أمام الصراع أو جانب منه بين الفقهاء والمتصوفة منذ بدأ عصر التدوين للعلوم الشرعية، ونتناول بالبحث والتحليل موقف صاحب الدراسة من التصوف.

ثانيا: محمد بن عبد الوهاب والتصوف.

إن قضية التصوف وما تثيره من الآراء المعارضة له أو الآراء المؤيدة حول هذا الموضوع استمرت ردحا طويلا من الزمان، ونحن الآن بصدد بيان موقف


(١) ابن تيمية ـ مجموعة الرسائل والمسائل ـ جـ ١ ص ١٣٧
(٢) ابن غنام ـ تاريخ نجد ـ الرسالة السابعة ـ ٣٠٧.

<<  <   >  >>