للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعض المقامات التي سنعرض لها، ويقر بالكرامة الحقة التي يكون معها استقامة وعدم غرور فيقول:" وأقر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئا ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله. (١)

ثم يحذر الناس من الاغترار بخوارق العادات التي تجري على يد أناس غير صالحين:" أنه لا ينبغي أن يغتر بخوارق العادة إذ لم يكن مع صاحبها استقامة على أمر الله، فإن اللعين أنظره الله تعالى ولم يكن ذلك إلا إهانة له وشفاء له، وحكمة بالغة يعلمها العليم الخبير فينبغي للمؤمن أن يميز بين الكرامات وغيرها ويعلم أن الكرامة هي لزوم الاستقامة". (٢)

ويسوق الأمثال والوقائع على ذلك بما يفعله كثير من أتباع إبليس واتباع المنجمين والسحرة والكهان ممن ينتسب إلى الفقر، وكثير ممن ينتسب إلى العلم، من هذه الخوارق التي يوهمون بها الناس ويشبهونها بمعجزات الأنبياء وكرامات الأولياء ومرادهم أكل أموال الناس بالباطل والصد عن سبيل الله، حتى أن بعض أنواعها يعتقد فيه من يدعي العلم أنه من العلم الموروث عن الأنبياء من علم الأسماء، وهو من الجبت والطاغوت. ولكن هذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم:" للتبعن سنن من كان من قبلكم" ومنها هذه الحيلة الربوية التي مثل حيلة أصحاب السبت وأشد. (٣)

إذن فابن عبد الوهاب يقر بالكرامة الحقة ويؤيد حب الصالحين الذين يرعون حق الله وفي نفس الوقت يرفض الإسراف في حبهم إلى الحد الذي يخرج المسلم عن الاعتدال ويوقعه في الشرك ويكون مصيدة للشيطان فيقول:" وأما الصالحون فهم على صلاحهم، رضي الله عنهم ولكن نقول ليس لهم شيء من الدعوة". (٤)

وفي موضع آخر يقول: " ثم لما صار على أكثر الأمة ما صار اظهر لهم


(١) الدرر السنية ـ جـ ١ ص ٣٠
(٢) ابن غنام ـ تاريخ نجد ص ٦٠٥.
(٣) المرجع السابق ـ ص٢٢٩.
(٤) الدرر السنية ص ٦٥.

<<  <   >  >>