للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: التوحيد:

عني ابن عبد الوهاب بدعوة التوحيد إلى الله فهي أولى دعوات الرسل والأنبياء ـ فكل رسول يفتتح دعوته لقومه بهذا التوحيد {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (١) وقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} . (٢)

فدلت الآية على أن الله تعالى خلق الخلق لحكمة عظيمة وهي القيام بما وجب عليهم من عبادته وحده وبترك عبادة ما سواه، فخلق الخلق سبحانه لكي يؤدوا العبادة التي هي اسم يجمع كمال كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فالعبادة اسم يجمع كمال الحب لله ونهايته وكمال الذل ونهايته، وهذا التوحيد الذي خلقوا له ودعوا إليه هو توحيد الألوهية، توحيد القصد والطلب، وأما توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات وتوحيد الأفعال فهو توحيد العلم والاعتقاد والمراد من العبادة التي خلقوا لها هي العبادة الخالصة التي لا يلبسها شرك بعبادة شيء سوى الله كائنا ما كان، ويقول في ذلك: (وأما عبادته سبحانه وتعالى بالإخلاص دائما في الرخاء والشدة فلا يعرفونها، وهي نتيجة توحيد الإلهية، وكذلك الإيمان بالله واليوم الآخر والإيمان بالكتب والرسل وغير ذلك، وأما الصبر والرضا والتسليم والتوكل والإنابة والتفويض والمحبة والخوف والرجاء فمن نتائج توحيد الربوبية وهذا وأمثاله لا يعرف إلا بالتفكر، لا بالمطالعة وفهم العبارة". (٣)

فإثبات التوحيد بأقسامه الثلاثة لا بد أن يجتمع مع الاعتقاد العملي الذي هو الثمرة الحقيقية لوجود الإنس والجن.

وقد كثر كلام الصوفية في تعريف التوحيد وحقيقته وأقسامه في مؤلفاتهم مثل الرسالة القشيرية (٤) ، والكلاباذي (٥) ، والسهروردي (٦) والغزالي الذي


(١) هود: ٦١
(٢) الذاريات: ٥٧.
(٣) ابن غنام ـ تاريخ نجد ـ ص ٥١١.
(٤) عبد الكريم بن هوازن القشيري ـ الرسالة القشيرية ـ١٣٦
(٥) أبوبكر محمد الكلاباذي ـ التعرف لمذهب أهل التصوف ـ ١٣٤-١٣٦
(٦) أبي حامد الغزالي ـ إحياء علوم الدين ـ جـ ٤ ص ٣٤٠

<<  <   >  >>