للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباطن من رذائل المعاصي المتعلقة بالقلب ولا الجوارح، طالما استقام صاحبها على القانون الشرعي والمنهج القويم المرعي، إلا أنه لا يتكلف له تأويلا في كلامه ولا في أفعاله ولا يعول ولا يستعان ولا يستنصر إلا على الله تعالى ونتوكل في جميع أمورنا عليه فهو نعم المولى ونعم النصير.

ثم يقول:" وإنما كتبت لكم هذا معذرة من الله ودعوة إلى الله لأوصل ثواب الداعين إلى الله". (١)

ويحث تلاميذه من حوله من اتباع على كثرة الدعاء والتضرع إلى الله لجلاء النفس من كدوراتها فيقول:"فإن أصغى إليه قلبك بعض الشيء، فعليك بكثرة التضرع على الله، والانطراح بين يديه، خصوصا في أوقات الإجابة: كآخر الليل، وأدبار الصلوات، وبعد الأذان، وكذلك بالأدعية المأثورة، خصوصا الذي ورد في الصحيح أن صلى الله عليه وسلم كان يقول:" اللهم، رب جبريل وميكائيل ... " (٢) .

فابن عبد الوهاب كما أسلفنا يؤمن بتنقية القلب وتنزيه الباطن وذلك بالطريق المشروع والمأثور عن رسوله صلى الله عليه وسلم ويرفض شطحات الصوفية التي تقربهم من الغرور وتبعدهم عن الاستقامة التي رسمها الشرع للعبد ونعني الاستقامة في القول والعمل والاعتقاد، ويكون ميزان كل ذلك الشرع لا شيء غيره من المصطلحات التي ابتدعها الصوفية.

وقد نقد الغزالي هذا الغرور الناجم عن إكرام الله لعبد من عباده بكرامة ما فقال:" وإنما يقيس على الماضي بواسطة الكرامة الحب إذ يقول لولا أني كريم عن الله ومحبوب لما أحسن إلي والتلبيس تحت ظنه أنه كل محسن محب لا بل تحت ظنه أن أنعامه عليه في الدنيا إحسان فقد اغتر بالله إذ ظن أنه كريم عنده بدليل لا يدل على الكرامة". (٣)


(١) ابن غنام ـ تاريخ نجد ـ ٢١٩
(٢) المرجع السابق.
(٣) أبي حامد الغزالي ـ إحياء علوم الدين جـ ٣ ـ ٣٧٢ ط. الحلبي

<<  <   >  >>