للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢) ـ أن التوكل من الفرائض.

(٣) ـ أنه من شروط الإيمان.

هذا هو موقف ابن عبد الوهاب من التوكل وقبوله له في الصورة التي رسمها القرآن الكريم وبينها صاحب السنة الأمين بعيداً عن المغالاة التي نحاها المتصوفة وتركهم للأسباب كلية ومحاربة النفس بما جبلت عليه من الحذر والخوف وفهموا بأن التوكل على الله بمعنى التواكل وترك الأسباب وعدم التزود بكل حالة بما يناسبها وثابت في السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعد لكل أمر عدته وهو خير من توكل على ربه دون أن يصرفه التوكل عن إعداد العدة والتذرع بالأسباب حتى أنه صلى الله عليه وسلم أمره ربه بالهجرة من مكة إلى المدينة لم يدع احتياطا ممكنا إلا وأخذه، ولا حيلة يمكن أن تصرف القوم عنه إلا سلكه فمن ذلك انه أعد وأبو بكر راحلتين وزادا ورصدا عيونا على الطريق ورتبا مرور القطيع ليخفي على أثارهما، والتمسا المكث في الغار ثلاثة أيام لينصرف القوم عن طلبهما على آخر ما تحفل به كتب السيرة في قصة الهجرة.

وفي هذا رد على من أنكر الأسباب والجمع بينهما وبين التوكل مثل الغلاة من الفقهاء والمتصوفة، مع تأكيد حقيقة التوكل وأنه على العبد أن يكون على يقين بأنه لا يضره أحد بغير إذن الله تعالى ويقول في ذلك" الإرشاد إلى التوكل بكونه لا يضر أحداً إلا بإذن الله". (١)

خلاصة الأمر أن على العبد أن يلتزم في العبادات الاتباع لا الابتداع فليس لأحد أن يشرع من الدين ما لم يأذن به الله، قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} . (٢)

وبهذا التزم ابن عبد الوهاب وألزم مجتمعه بالتمسك بأنه لا يعبد إلا الله وبما شرع وهذان الأصلان هما تحقيق شهادة أن"لا إله إلا الله" وأن محمداَ رسول الله.


(١) ابن غنام ـ تاريخ نجد ٦٣٨
(٢) الشورى:٢١

<<  <   >  >>