للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نتيجة ذلك انه رفض كل ابتداع ذهب إليه أي فريق تحت أي مسمى، وتمسك بصرف العبادة كلها لله، وحده فيقول:"أي أعبدك يا رب مما مضى بهذه الثلاث بمحبتك، ورجائك، وخوفك فهذه الثلاثة أركان للعبادة، وصرفها لغير الله شرك وفي هذه الثلاث الرد على من تعلق بواحدة منها..كمن عبد الله تعالى بالمحبة وحدها، وكذلك من عبد الله بالرجاء وحده كالمرجئة وكذلك من عبد الله بالخوف وحده كالخوارج". (١)

ويسوقنا الحديث إلى بيان موقفه من المحبة.

رابعا ـ المحبة:

كما رأينا منذ قليل أن ابن عبد الوهاب هاجم الفرق الثلاث الصوفية والمرجئة والخوارج لتعلق كل فرقة بعبادة الله عبادة منفردة عن باقي أركانها، فصرف العبادة هو بتوحيد المحبة مع خضوع القلب والجوارح، فمن احب شيئا وخضع له فقد تعبد قلبه له، فلا تكون المحبة المنفردة عن الخضوع عبادة، ولا الخضوع بلا محبة عبادة، فالمحبة والخضوع ركنان للعبادة فلا يكون أحدهما عبادة بدون الآخر.

إذن فتوحيد العبادة هو إفراد الله سبحانه بأنواع العبادة مع محبته والخضوع لأوامره، ومن صرف شيئا لغير الله فهو مشرك.

وقبل أن نفصل القول في بيان رأي ابن عبد الوهاب في المحبة نتناول بعض تعريفاتها لدى السادة الصوفية لأن مقام المحبة لديهم مقام عظيم وكانت عبادتهم لله تعالى تنفرد بالمحبة دون باقي أركان العبادة، وكان مسلكهم هذا موضع نقد ابن عبد الوهاب ولذلك كان لزاما أن نتناول بعض تعريفاتهم بالبيان والتحليل يستشهد الغزالي بالحديث الذي رواه أنس عن النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إذا أحب الله عبد الم يضره ذنب والتائب من الذنب كما لا ذنب له ثم تلا ـ {إن الله يحب التوابين} ". (٢)


(١) مجموعة التوحيد: ٢٦٩
(٢) أبي حامد الغزالي ـ إحياء علوم الدين ت جـ ٤ ص٣١٨

<<  <   >  >>