للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصل تحاول أنت تبسط نفوذها على غيرها من القبائل، فإذا أمكنتها القوة من ذلك وتتابعت بها الأسباب بدت في صورة الدولة ملكا أو إمبراطورية أو غير ذلك من الأشكال ولم تعرف البشرية قبل الإسلام جماعة إنسانية تتكون بوازع العقيدة والعقيدة وحدها، إذا أن الرسالات السماوية السابقة على الإسلام ظلت في دائرة إصلاح وجدان الأفراد كأفراد دون أن تصبح محورا تقوم عليه حياة الجماعة ويأتلف به الإنسان مع الإنسان، وثم لم يكن مجتمع بني إسرائيل خلال الفترة الوجيزة التي أقاموا فيها دولتهم إلا صورة خاصة لمفهوم الجماعة الإنسانية القائمة على التصور المادي، ذلك أنهم وإن احتكموا إلى التوراة أغلقوا دائرة الجماعة الإنسانية على من يجمعهم الأصل العرقي الواحد.

فلما انصف الإسلام الإنسان وكشف عن جوهره الفريد ومركز المتميز في الكون ورسالته في الحياة انبثق من هذا التصور الإسلامي الفريد نموذج مثالي للاجتماع الإنساني

نموذج يمكن أن نلخصه في عبارة واحدة:

التسامي بالنوع الإنساني حتى يكون أهلا لشرف التكليف بعبادة الله تعالى.

ويقوم هذا التسامي على قاعدتين وحدة أصل الإنسان {خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} . (١)

ووحدة الغاية التي خلق لأجلها {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٢)

والجماعة المسلمة مفتوحة لكل إنسان يتوفر فيه مفهوم القاعدتين السابقتين.

وبحكم وحدة أصل الإنسان ومساواة أفراده فهم جمعيا على اختلاف الأصل واللهو واللغة والجنس مدعوون للالتحاق بهذه الجماعة {قُلْ يَا أَيُّهَا


(١) سورة العلق: آية: ٢٠
(٢) سورة الذاريات: آية: ٥٦

<<  <   >  >>