للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعا} (١) والشرط الوحيد لتحقيق هذا الالتحاق هو الإيمان بالله.

وحيث يوجد هؤلاء المؤمنون فهم جماعة واحدة {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (٢)

ومن هنا كانت الجماعة المسلمة فريدة في تكوينها.. إنها تقوم على العقيدة وحدها، عقيدة الإيمان بالله.

وقد رأينا لدى استعراض مواد الفصل الأول من الباب الأول من هذا البحث: كيف نشأت الجماعة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة لتجمع أفرادا ومن مختلف قبائل العرب بل ومن أفراد غير عرب كسلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي وحدوا الله فوحد الله بينهم {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} . (٣)

وعرفت الإنسانية بهذا الجماعة الإسلامية مفهوم الدولة العقائدية التي انضوت تحت أعلامها أمم شتى هجرت رابطة العرق والوطن إلى رابطة الدين والإيمان وظلت دولة الإسلام قوية ما بقيت هذه الرابطة الإيمانية فلما غلبتها نوازع الشعوبية والأممية تداعى البناء الشامخ وتصدعت أركانه.

وأدرك محمد بن عبد الوهاب الجماعة المسلمة وقد تمزقت دار السلام إلى عدة أديار، وعادت نجد إلى حال قريب من حالتها في الجاهلية مما عرضنا له تفصيلا في الباب الأول، وكان عليه أن يواجه هذا الواقع ليحدد على ضوئه نظرته إلى أسس تكوين الجماعة المسلمة.

وقد جاء هذا التحديد مقرونا بالتطبيق العملي الذي تفيض به الشواهد التاريخية، بدأ بنفسه فتزود بالعلم الذي يتميز به الحق من الباطل، حتى إذا، استوعب حقائق الإسلام وتحقق له بعد الناس عن هذا الحقائق أخذ يدعو


(١) سورة الاعراف: آية:١٥٨
(٢) سورة الحجرات: آية:١٠
(٣) سورة الأنفال: آية:٦٣

<<  <   >  >>