للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حرب ضد الوهابيين، وهي أحوج ما تكون إلي ادخار قواها المتبقية للتصدي للزحف الأوربي الصليبي الذي كان قد أخذ يعد العدة للإجهاز عليها وأخذ يتطلع إلى فصم عرى اتحاد المسلمين لتحقيق أغراضه في امتلاك بلادهم١.

وهكذا كان من أبرز دعوة محمد بن عبد الوهاب السياسية أنها أجبرت دولة الخلافة العثمانية على فتح جبهة جديدة في مسلسل الحروب التي تخوضها وعهد السلطان العثماني إلى والي مصر محمد علي باشا القيام بمحاربة الإمام سعود بن عبد العزيز وإخراجه من الحجاز، وبدأت الحملات المصرية على الوهابيين عام ١٢٢٦هـ واتصل أوار الحرب بين الفريقين إلى عام ١٢٣٣.

وقد انتهت بسقوط الدرعية آخر معاقل الوهابيين وبنقل الإمام عبد الله بن سعود إلى الأستانة حيث نفذ فيه حكم الإعدام مع عدد من رؤوس الدعوة والبيت السعودي ودمر إبراهيم باشا الدرعية تدميرا تاما وهرب من بقي علي قيد الحياة


=يلي: وفي هذه الأثناء كان الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود قد استولى على الحجاز وعلى الحرمين الشريفين فاقلق توليه الدولة العثمانية لأنها تدعي حق الخلافة على المسلمين بعد سقوطها من العباسيين. وخلافتها إنما كانت تعتمد على الحرمين الشريفين لأن فخرها وحرمتها في النفوس إنما هي بدعوى حمايتها للحرمين الشريفين وخدمتهما فرأت استيلاء الإمام سعود على الحرمين فيه القضاء التام على سلطانها ونفوذها وتخوفت من أن هذه الدعوة السلفية التي تهدف إلى الإصلاح.. ينبسط نفوذها فتوحد كلمة العرب فينضوون تحت لوائها فتقضي بهم على الخلافة العثمانية المزعومة فيتقلص ظلها وينمحي أثرها. كيف لا تخشى الدولة العثمانية ذلك وقد وصل سعود بجيوشه بعد فتحه الحجاز إلى مشارق الشام وقراها واكتسح ما أمامه.. وهدد الطرق وهزم الجيوش التي أرسلها ولاة الشام والعراق لمحاربته حتى اضطرت الدولة أن تطلب منه المهادنة والمسابلة وتبذل له مقابل ذلك كل سنة ثلاثين ألفا مثقال ذهبا، وأوفدت الدولة لهذا الغرض رجلا يسمى عبد العزيز القديمى وأوفدت بعدة رجلا أخر يسمى عبد العزيز بيك فرجع كما رجع الأول بعدم القبول ورسالة طويلة تبلغ سبع صفحات ملأها سعود وعيدا وهذا الرسالة مذكورة في ج ٧ من الدرر السنية والأجوبة النجدية ص ٢٦١ قال فيها سعود بالحرف الواحد ما نصه: وأما طلبتموه منا مرة بعد مرة أرسلتم لنا عبد العزيز القديمي ثم أرسلتم عبد العزيز بيك فلم نقبل ذلك منكم ولم نجبكم بالمهادنة "" واستطرد المحقق "لذا أصبحت الدولة العثمانية عاجزة عن مهادنة الإمام سعود بن عبد العزيز بن سعود فضلا عن محاربته".
(١) محمد فريد بك. الدولة العثمانية. ص ٢٠٢

<<  <   >  >>