للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من التوحيد وما أخبر به عن الله من البعث بعد الموت والجنة والنار ومثل وجوب الفرائض من الصلاة والزكاة والحج والصيام، وبالجملة فإن سائر ما هو معلوم من أصول الدين بالضرورة يظل بعيدا عن دائرة التقليد.

أما بالنسبة لتقليد العالم غيره من العلماء فإن دائرته على التحقيق أضيق فقد اتفق العلماء على عدم جوازه له فيما إذا اجتهد فعلا وغلب على ظنه الحكم واختلفوا فيما إذا لم يكن كذلك (١) وقد أجازه كثير من العلماء من طوائف السنة والشيعة. (٢)

ويثور سؤال حول جواز الفتيا بالتقليد من عدمه وتتردد في المسألة أقوال ثلاثة في مذهب أحمد، أحدها: أنه لا يجوز الفتيا بالتقليد لأنه ليس بعلم والفتوى بغير علم حرام، وهذا قول أكثر الأصحاب، والثاني أن ذلك جائز للمفتي فيما يتعلق بنفسه، فيجوز له أن يقلد غيره من العلماء إذا كانت الفتوى لنفسه، ولا يجوز أن يقلد العلماء فيما يفتي به غيره، وهو قول ابن بطة من أصحابنا والقول الثالث أنه يجوز ذلك عند الحاجة وعدم المجتهد وهو أصح الأقوال وعليه العمل حسبما رواه وأخرجه الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. (٣)

وعلى الرغم من جواز تقليد العالم غيره عند استغلاق الدليل لديه فإن محمد بن عبد الوهاب يطالب العالم في حال تقليده بجمله أمور بمنها:

(١) أن يظل يقظاً لمعرفة دليل المسألة التي يقلد فيها فإذا بدا له وجده الحق خلافا لما جرى به تقليده تعين عليه اتباع الحق وعدم المادي في التقليد.

(٢) أن يلتزم في تقليده بما يعتقد أنه الحق دون أن ينتقل من قول إلى قول لمجرد أنه على دراية بأكثر من قول ويلزم ابن عبد الوهاب هذا السلوك من بعض العلماء ويرده إلى الرياء والتعالي:" ومن العجيب أنه يوجد في بلدكم من يفتي الرجل بقول إمام والثاني بقول إمام آخر، والثالث


(١) الغزالي. المستصفي ـ ٢/٣٨٤
(٢) الامدي. الأحكام ـ ٣/١٥٩.
(٣) الدرر السنية في الأجوبة النجدية جـ٤ ص١٢

<<  <   >  >>