للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

َ لا يَعْلَمُونَ} . (١) كذلك أمر تعالى بالعمل ورفع مراتب العاملين.} وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ {. (٢) {وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} . (٣)

وقد عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم حياة تزخر بالعلم والعمل، وعلم أصحابه ألاّ هدى في عمل بغير علم ولا خير في علم بلا عمل، وكان من هديه لأصحابه في تعليمهم آيات الكتاب الكريم أن يعلمهم بضع آيات فلا يعدوها أحدهم حتى يعمل بها.

ومن جملة حرصه صلى الله عليه وسلم على قاعدة الربط بين العلم والعمل أنه كان ينهي أصحابه عن شغل أنفسهم بالقيل والقال وكثرة السؤال لما في ذلك من صرف لهم عن العمل بما تعلموه حال كون المطلوب منهم أن ينظروا " فما أمرتم به فأنوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عن فانتهوا." (٤)

إلا أن قاعدة الربط بين العلم والعمل على رسوخها ووضوحها في منهج الإسلام لم تلبث أن تعرضت بعد قرون من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لما تعرضت له سائر قواعد الإسلام واقيسته من جدل تعطل منع العمل حتى نجمت مذاهب الأرجاء التي تخفف أصحابها من أمانة العمل ولم يروا أنه من أصول الإيمان أو متمماته، ثم غصت ساحة الإسلام بأجناس من الزهاد والمنصوفة الذين اكتفوا بتلقين الرموز والإشارات وغفلوا عن أمانة العمل بالواجبات.

وبمثل ما هاجم الشيخ محمد بن عبد الوهاب قضية ما سموه: غلق باب الاجتهاد كان منطقيا مع منهجه التجددي في التأكيد على معلم بالغ الأهمية من معالم فكره ومنهجه وذلك بحرصه على الربط بين العلم والعمل، بل إنه ليذهب في ذلك إلى حد اعتباره المميز الأهم لأمة الاسلام عن أمم أهل الكتاب الذي خلوا من قبل، ففي معرض تفسيره لسورة الفاتحة يعرض لتفسير خواتيمها بقوله: وأما الآيتان الأخيرتان ففيهما من الفوائد ذكر أحوال الناس


(١) سورة الزمر. آية: ٩
(٢) سورة التوبة: آية ١٠٥
(٣) سورة يونس: آية ٦١
(٤) الحديث رواه الشيخان.

<<  <   >  >>