للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قسمهم الله تعالى إلى ثلاثة أصناف: منعم عليه، مغضوب عليه، ضال. فالمغضوب عليهم أهل علم ليس معهم عمل والضالون أهل عبادة ليس معها علم، وإن كان سبب النزول في اليهود والنصارى فهي لكل من اتصف بذلك والثالث من اتصف بالعلم والعمل، وهم المنعم عليهم." (١)

فاليهود الذي حكى عنهم القرآن توفر العلم ليدهم وتوليهم عن العمل به بقوله تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (٢) والنصارى الذين سجل القرآن عليهم أن عملهم على غير علم في قوله تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} (٣) هؤلاء وأولئك فسقوا عن أمر ربهم فيما أمر به من تحصيل العلم بأوامره وكمال العلم بها، فارتباط العلم بالعمل في منهج الاسلام في مقام ارتباط الوسيلة بالغاية والمقدمة بالنتيجة: العلم مقدمة ووسيلة والعمل نتيجة وغاية فالعلم بالله هو المقدمة لعبادته تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} (٤) وعبادته تعالى وهي العمل هو الغاية التي خلق الناس من أجلها {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ، (٥) {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (٦) ويوضح الشيخ ارتباط العلم بالعمل بقوله: " إن الاسلام واتباع ملة الانبياء هو العلم بذلك والعمل به لا مجرد العلم. (٧)

وتطبيقا لهذا المفهوم تشتد حملة الشيخ على المبتدعين الذين انحرفوا بمفهوم التوحيد حتى اصبح عندهم مجرد قول لا يستلزم عملا " فإنما توحيدهم بالقول لا بالعبادة والعمل" ثم يبين التوحيد الذي جاءت به الرسل بأنه:"لا بد فيه من إخلاص الدين كله لله" (٨) وأن هذا الاخلاص لا يتم إلا بتمام العلم بالله واثبات أسمائه وصفاته ثم تمام العمل بذلك.


(١) مجموعة التوحيد. ص: ٢٧٠
(٢) سورة المائدة آية ٤٣
(٣) سورة الحديد آية: ٢٧
(٤) سورة محمد آية: ١٩
(٥) سورة الذاريات: آية: ٥٦
(٦) سورة البينة آية: ٥
(٧) ابن غنام: تاريخ نجد. ص: ٦٤٢
(٨) ابن غنام: تاريخ نجد ص: ٤٠٦

<<  <   >  >>