للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن كان عيناً فمعنى كونه من الله أنه هو خالقه سبحانه كما في قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} ١، وقوله: {قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} ٢، وقوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} ٣، وقوله تعالى عن عيسى عليه السلام: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} ٤ والآيات كثيرة في هذا الباب.

وإن كان وصفاً فمعنى كونه من الله أنه صفة له كما في قوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَق} ٥، وقوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ٦، وقوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ٧.

ومعنى قول المؤلف: "والوصف بالمجرور قام" يعني أن ما أخبر عنه بمن إن كان وصفاً فهو قائم بالمجرور بها لأنه أحق به في عرف أهل اللغات جميعاً.

ومثل ذلك تماماً يقال فيما يضاف إلى الله عز وجل.

فإن كان عيناً مثل بيت الله، وناقة الله، وعباد الرحمن، فنسبته إليه ثابتة خلقاً وملكاً، وتكون إضافته للاختصاص والتشريف.

وأما إن كان وصفاً كعلم الله، وقدرته، وإرادته، وكلامه، وحياته، فهذه الإضافة تقتضي قيامها بالله وأنه موصوف بها.

وتدبر هذا الفرق بين قولك بيت الله، وعلم الله، فإن كُلاًّ منهما يضاف إلى الله، ولكن لما كانت إضافة الأول إضافة ذات دلت على أنه مخلوق.

ولما كانت إضافة الثاني إضافة معنى دلت على أنه صفة للمضاف إليه.

ولهذا لما اهتدى السلف لهذا الفرق هُدُوا إلى الصراط المستقيم، ولما ضل


١ الآية ٧٩ من سورة النساء.
٢الآية ٧٨ من سورة النساء.
٣ الآية ١٣ من سورة الجاثية.
٤ الآية ١٧١ من سورة النساء.
٥ الآية ١٠٢ من سورة النحل.
٦ الآية ٢ من سورة فصلت.
٧ الآية ٢ من سورة غافر.

<<  <   >  >>