للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم أطلقه المتكلمون وغيرهم على النَّفْس، فإنهم لما وجدوا الله في القرآن قال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} ١، {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَه} ٢ وصفوها فقالوا: نفس ذات علم، وقدرة، ورحمة، ومشيئة، ونحو ذلك. ثم حذفوا الموصوف وعرفوا الصفة فقالوا: الذات. وهي كلمة مولدة ليست من العربية العرباء.

فهذا لفظ يقتضي وجود صفات تضاف الذات إليها٣، فأطلق بإزاء النفس٤.

ب ـ "مما يميزها عن غيرها"

في هذا إشارة إلى وظيفة الصفة، فالله عز وجل وصف نفسه بصفات كثيرة، تَعَرَّفَ بها إلى عباده، وهذه الصفات هي التي تميز الخالق عز وجل عما سواه وتُظْهِرُ للعباد كمال الرب عز وجل وعظمة شأنه، وجلال قدرته، وتزيد العبد معرفة بالله عز وجل، ولا شك أن حاجة الناس إلى معرفة ربهم هي أعظم الحاجات، ولذلك تَعَرَّفَ الله لعباده بصفاته، ليكون ذكرهم له أعظم وأكثر، "وكلما كانت حاجة الناس إلى معرفة الشييء وذكره أشد وأكثر، كانت معرفتهم به وذكرهم له أعظم وأكثر، وكانت طرق معرفته أكثر وأظهر، وكانت الأسماء المعرِّفة له أكثر، وكانت على معانيه أدل"٥.

وهذا الشأن حاصل في باب أسماء الله وصفاته، فالله هو أجل معلوم


١ الآية ١١٦ من سورة المائدة.
٢ الآية ٢٨ من سورة آل عمران.
٣مجموع الفتاوى ٦/٩٨، ٣٤١ (بتصرف) .
٤ وانظر درء تعارض العقل والنقل ٤/١٤٠، ١٤١.
٥ درء تعارض العقل والنقل ٣/٣٣٠.

<<  <   >  >>