وأما المسألة الرابعة وهي قوله: هل تحبط الأعمال بترك الصلاة أم لا؟
فقد عرف جوابها مما تقدم, وإنا نفرد هذه المسألة بالكلام عليها بخصوصيتها فنقول أما تركها بالكلية فإنه لا يقبل معه عمل كما لا يقبل مع الشرك عمل فإن الصلاة عمود الإسلام كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الشرائع كالأطناب والأوتاد ونحوها, وإذا لم يكن للفسطاط عمود لم ينتفع بشيء من أجزائه فقبول سائر الاعمال موقوف على قبول الصلاة, فإذا ردت ردت عليه سائر الأعمال, وقد تقدم الدليل على ذلك.
وأما تركها أحيانا فقد روي البخاري في صحيحه من حديث بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بكروا بصلاة العصر فإن من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله".
وقد تكلم قوم في معنى هذا الحديث فأتوا بما لا حاصل له. قال المهلب معناه: من تركها مضيعا لها متهاونا بفضل وقتها مع قدرته على أدائها حبط عمله في الصلاة خاصة أي لا يحصل له أجر المصلي في وقتها, ولا يكون له عمل ترفعه الملائكة. وحاصل هذا القول: إن من تركها فاته أجرها. ولفظ الحديث ومعناه يأبى ذلك ولا يفيد حبوط عمل قد ثبت وفعل, وهذا حقيقة الحبوط في اللغة والشرع ولا يقال لمن فاته ثواب عمل من الأعمال إنه قد حبط عمله وإنما يقال فاته أجر ذلك العمل.
وقالت طائفة: يحبط عمل ذلك اليوم لا جميع عمله فكأنهم استصعبوا