كبيرة بعد الشرك بالله. ولأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك به خير له من أن يؤخر صلاة النهار إلى الليل وصلاة الليل إلى النهار عدوانا عمدا بلاعذر, وقد روى هشام بن عروة عن أبيه عن سليمان بن يسار عن المسور بن مخرمة أنه دخل مع ابن عباس على عمر حين طعن فقال ابن عباس يا أمير المؤمنين الصلاة فقال: أجل أصلي: إنه لا حظ في الإسلام لمن أضاع الصلاة. وقال إسماعيل بن علية عن أيوب عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن أبا بكر وعمر كانا يعلمان الناس الإسلام: تعبد الله ولاتشرك به شيئا وتقيم الصلاة التي افترض الله بمواقيتها فإن في تفريطها الهلكة.
وقال محمد بن نصر المروزي وسمعت إسحاق يقول: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن تارك الصلاة كافر" , وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر, وذهاب الوقت أن يؤخر الظهر إلى غروب الشمس والمغرب إلى طلوع الفجر, وإنما جعل أوقات الصلاة بما ذكرنا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين بعرفة والمزدلفة في السفر فصلى إحداهما في وقت الأخرى, فلما جعل النبي صلى الله عليه وسلم الأولى منهما وقتا للأخرى في حال والأخرى وقتا للأولى في حال صار وقتاهما وقتا واحدا في حال العذر, كما أمرت الحائض إذا طهرت قبل غروب الشمس أن تصلي الظهر والعصر وإذا طهرت آخر الليل أن تصلي المغرب والعشاء, وإذا كان صلاة الذي يؤخر العصر حتى تصير الشمس بين قرني الشيطان صلاة المنافق بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم فما يقول بأبي هو وأمي صلوات الله عليه وسلامه لمن يصليها بعد العشاء, وقد قال تعالى:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} . فإذا اجتنب الرجل كبائر المنهيات واستمر على صلاة الصبح في وقت الضحى والعصر بعد العشاء كان على قولكم مغفورا له غير آثم البتة, وهذا لا يقول أحد.
قوله: والعجب من هذا الظاهري كيف نقض أصله فإنه يقول ما وجب بإجماع فإنه لا يسقط إلا بالإجماع, فيقال: غاية هذا أن منازعكم تناقض فلا يكون تناقضه مصححا لقولكم, وإن أردتم بذلك الاستدلال بالاستصحاب وأن الصلاة