للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأنَّ الله يريد أن يذكِّر رسوله بقوله لأم موسى: {إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وجَاعِلُوهُ مِنَ المرسلين} [القصص: ٧] فكما رددتُ موسى إلى أمه؛ سأردُّ ك يا محمد منتصراً مكرماً .. {إِنَّ الذي فَرَضَ عَلَيْكَ القرآن لَرَآدُّكَ إلى مَعَادٍ ... } (١).

إذن الفراق في بادئ الأمر وظاهره كان صعباً وأليماً على رسول الله .. ، لكن النتيجة كانت سبباً لنهضة الإسلام وانتشاره وتوطده ...

وهكذا فرُبّ ضارّة نافعة، بل كم من مِحنةٍ محويّة في طيِّها مِنَحٌ ورحماتٌ مطويّة ..

وهذه المحن الأليمة العصيبة التي تعيشها الأمة الإسلامية

اليوم لها ظاهر وباطن، لها مظهر جلي ولها باطن خفي؛

أما الظاهر الجلي: فمأساة تتقطع لها القلوب، محنة ما أظن أن تاريخنا الإسلامي بحلوه ومره سجل مثل هذه الظاهرة الأليمة، هذا هو الظاهر محنةٌ وبلاء ...

أما الباطن: فإنما هو منحةٌ من منح الله عز وجل ليستبين

الصادق من الكاذب، ولكي تتمزق أقنعة النفاق فيعرف المؤمن الصادق من غيره: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: ٢ - ٣]


(١) (تفسير الشعراوي - الخواطر ١٨/ ١١٠٤٦)

<<  <   >  >>