للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن رأى الجمع بين الأحاديث قال: إن حديث أم عطية هو بعد انقطاع الدم، وحديث عائشة في أثر انقطاعه، أو إن حديث عائشة هو في أيام الحيض، وحديث أم عطية في غير أيام الحيض. (١)

والذي أراه أن الحائض تكون في حدث متيقن فلا تنتقل منه إلى الطهر إلا بيقين، والصفرة والكدرة ليست يقينا بالطهر؛ لأن المرأة تراها ثم ترى الدم بعدها أحيانا مما يدل على عدم براءة الرحم منه؛ لذا كانت عائشة رضي الله عنها تنهى عن الاستعجال بالغسل قبل التأكد من الطهر، أما إذا رأت الطهر وتيقنت منه ثم اغتسلت وصلت فإن عاودها الدم أو الكدرة لم تدع الصلاة لذلك؛ لأنه حينها صار حدثا غير متيقن فلا تترك الصلاة الواجبة للظن، ولهذا قالت أم عطية رضي الله عنها (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا) .فإذا كان الدم بعد الطهر من الحيض لا يعد حيضا فلأن لا تعد الكدرة والصفرة بعد الطهر حيضا من باب أولى على ما روي عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال في المرأة التي ترى ما يريبها بعد الطهر إنما هو عرق أو قال عروق) . (٢)


(١) بداية المجتهد ونهاية المقتصد ١/٥٤وينظرفتح الباري ١/٤٢٦، وعمدة القاري
(٢) الحديث بهذا اللفظ أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة/ باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة ١/٧٨، وابن ماجة في كتاب الطهارة وسننها/ باب ماجاء في الحائض ترى بعد الطهر الصفرة والكدرة ١/ ٢١٢. والبيهقي في كتاب الحيض / باب الصفرة والكدرة تراهما بعد الطهر ١/٣٣٧ كلهم من طريق يحي بن أبي عن أبي سلمة عن أم بكر عن عائشة رضي الله عنها. قال في الزوائد اسناده صحيح ورجاله ثقات. وهو كما قال إلا أن أم بكر قال عنها الحافظ ابن حجر: لا يعرف حالها (التقريب ص ٧٥٥) قال الشوكاني في نيل الأوطار ج١/ص٣٤٦وذكر قول أبي البركات ابن تيمية:

"وأم بكر لا يعرف حالها وبقية الإسناد ثقات والحديث حسنه المنذري "وهو من الأدلة الدالة على عدم الاعتبار بما ترى المرأة بعد الطهر.
والحديث له أصل في الصحيحين من حديث الزهري عن عروة وعن عمرة عن عائشة رضي الله عنها (أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمرها أن تغتسل فقال " هذا عرق" فكانت تغتسل لكل صلاة.) أخرجه البخاري في الحيض / باب عرق الاستحاضة ١/٤٢٧ ومسلم في كتاب الحيض/ باب غسل المستحاضة ٤/٢٣وأبو داود في الباب السابق، والنسائي في كتاب الطهارة/ باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة ١/ ١٨٥، والدارمي في كتاب الطهارة /باب في غسل المستحاضة ١/١٩٨، وأحمد ٤١ /٨٤ رقم (٢٤٥٣٨) ، وأبو يعلى (٤٤٠٥) والشافعي في الأم باب المستحاضة ١/٧٧، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ١/٩٩ وفي" شرح مشكل الآثار" وابن عبد البر في التمهيد١٦/٦٦

<<  <   >  >>