للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ السُّهيْلي: " وَفِي حَدِيث ورقة أَنه قَالَ لرَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لتكذبنه، فَلم يقل لَهُ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - شَيْئا، ثمَّ قَالَ: ولتؤذينه، فَلم يقل النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - شَيْئا، ثمَّ قَالَ: ولتخرجنه، فَقَالَ: أَو مخرجي هم؟

فَفِي هَذَا دَلِيل على حب الوطن وَشدَّة مُفَارقَته على النَّفس، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ حرم الله وَجوَار بَيته وبلد أَبِيه إِسْمَاعِيل، فَلذَلِك تحركت نَفسه عِنْد ذكر الْخُرُوج مِنْهُ مَا لم يَتَحَرَّك قبل ذَلِك فَقَالَ: أَو مخرجي هم؟

والموضع الدَّال على تحرّك النَّفس وتحرقها إِدْخَال الْوَاو بعد ألف الِاسْتِفْهَام مَعَ اخْتِصَاص الْإِخْرَاج بالسؤال عَنهُ، وَذَلِكَ أَن الْوَاو ترد إِلَى الْكَلَام الْمُتَقَدّم، وتشعر الْمُخَاطب بِأَن الِاسْتِفْهَام على جِهَة الْإِنْكَار أَو التفجع لكَلَامه والتألم مِنْهُ، وَالْهَاء فِي قَوْله: " لتكذبنه " وَمَا بعْدهَا لَا ينْطق بهَا إِلَّا سَاكِنة لِأَنَّهَا هَاء السكت وَلَيْسَت بهاء إِضْمَار.

وَلَا بُد من تَشْدِيد الْيَاء من " مخرجي " لِأَنَّهُ جمع وَالْأَصْل: " مخرجوي " فأدغمت الْوَاو فِي الْيَاء لاجتماعهما وَسبق إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ وَهُوَ قِيَاس مطرد وَهُوَ خبر ابْتِدَاء مقدم، وَلَو كَانَ الْمُبْتَدَأ اسْما ظَاهرا لجَاز تَخْفيف الْيَاء وَيكون الِاسْم الظَّاهِر فَاعِلا لَا مُبْتَدأ، كَمَا تَقول: أضارب قَوْمك، أخارج إخْوَتك، فتفرد لِأَنَّك رفعت بِهِ فَاعِلا ".

<<  <   >  >>