الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد ..
فهذا كتاب الخلال رحمه الله تعالى ذكر فيه الأحاديث والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ومن جاء بعدهم فيما يتعلق بالحث على كسب الرزق والنهي عن سؤال الناس، وردّ فيه على المتصوفة والمتزهدة والمتعبدة الذين انحرفوا عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي الصحابة رضي الله عنهم في فهم حقيقة ما بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم في حثه على الكسب وطلب الرزق، وتحذيره من سؤال الناس.
وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم على أن لايسألوا الناس شيئًا (١) وما من نبي من الأنبياء إلا ويقول لقومه: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء: ١٤٥]، فلا يطلبون من الناس أجورًا وأموالًا بل يطلبون منهم الاهتداء.
وقد انحرف في هذا الفهم طوائف، منهم من سلك سبيل أكل أموال الناس بالباطل في صورة التبرعات والصدقات، كما قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: ٣٤]، قال شيخ الإسلام