للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا فَيَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ هِلَالُ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إيجَابَ الْحَقِّ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّوْمُ فَصَارَ مُخْبِرًا بِإِيجَابِ الْحَقِّ عَلَى الِاشْتِرَاكِ، فَلَمْ تَلْحَقْهُ التُّهْمَةُ فِيهِ فَقُبِلَ قَوْلُهُ.

وَلِأَنَّ فِي الْفِطْرِ إسْقَاطَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوْمُ فَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُهُ إلَّا بِمَا يَجُوزُ إسْقَاطُ سَائِرِ الْحُقُوقِ بِهِ.

وَأَمَّا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فَهُوَ إيجَابُ عِبَادَةٍ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَلَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ وَلَا تَلْحَقُهُ تُهْمَةٌ فِيهِ، فَجَازَ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ كَأَخْبَارِ الْآحَادِ.

٤٠٥ - وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: أَنَا أَرْضَعْتُهَا، أَوْ هَذِهِ أُخْتُكَ وَسِعَهُ أَنْ يُكَذِّبَهَا وَيَطَأَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَقَالَ: هَذِهِ حُرَّةُ الْأَصْلِ أَوْ أُخْتُكَ، وَسِعَهُ أَنْ يُكَذِّبَهُ وَيَطَأَهَا وَلَوْ اشْتَرَى طَعَامًا فَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَقَالَ: هَذِهِ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ، أَوْ هَذَا الْمَاءُ نَجِسٌ لَمْ يَسَعْهُ تَنَاوُلُهُ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ إبَاحَةَ أَكْلِ الطَّعَامِ لَا يَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَبَحْتُ لَكَ، هَذَا الطَّعَامَ وَسِعَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ، فَزَوَالُ الْإِبَاحَةِ بِمَا يَزُولُ بِهِ الْمِلْكُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>