فَجَازَ زَوَالُ الْإِبَاحَةِ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ كَمَا جَازَ إثْبَاتُهُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبُضْعُ؛ لِأَنَّ اسْتِبَاحَةَ الْبُضْعِ تَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَبَاحُ إلَّا بِمِلْكِ يَمِينٍ أَوْ بِمِلْكِ نِكَاحٍ فَجَازَ أَنْ يَخْتَصَّ زَوَالُ الْإِبَاحَةِ بِمَا يُزَالُ بِهِ الْمِلْكُ، وَزَوَالُ الْمِلْكِ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ لَا يَجُوزُ، كَذَلِكَ زَوَالُ الْإِبَاحَةِ لَوْ صَحَّ هَذَا أَنَّ إبَاحَةَ الْبُضْعِ لِمَا اُخْتُصَّ بِالْمِلْكِ، وَإِزَالَةُ الْمِلْكِ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ لَا يَجُوزُ، فَبَقِيَ الْمِلْكُ الْمُوجِبُ لِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ، فَبَقِيَ الْمُوجِبُ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ.
وَفِي الطَّعَامِ الْمِلْكُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي إبَاحَةِ أَكْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ، وَالْإِبَاحَةُ تَزُولُ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ، فَلَمْ يَكُنْ الْمِلْكُ مُوجِبًا لِلْإِبَاحَةِ، فَلَمْ يَبْقَ الْمُوجِبُ فَجَازَ أَلَّا يَبْقَى الْمُوجِبُ.
وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهُ وُجِدَ لِأَخْبَارِهَا مُنَازِعٌ؛ لِأَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَرْأَةِ يَقُولُونَ لَيْسَ كَذَلِكَ حَتَّى عَقَدُوا، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ حِينَ اشْتَرَاهَا، وَالْآنَ تُقِرُّ بِالرِّقِّ أَيْضًا؛ إذْ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا تَدَّعِي الْحُرْمَةَ فَتُعَارِضُ مُولَاهَا، وَالظَّاهِرُ جَوَازُ الْعَقْدِ بِلَا حُرْمَةٍ.
وَأَمَّا فِي اللَّحْمِ فَلَا مُنَازِعٌ يُخْبِرُهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَخَذَ الْبَدَلَ عَلَيْهِ، فَصَارَ الْمُشْتَرِي خَصْمًا، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَقَدْ أُخْبِرَ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ مِنْهُ كَمَا لَوْ رَوَى خَبَرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute