وَالْفَرْقُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَنْ يَتَبَرَّعَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَهُوَ تَبَرُّعٌ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا مَقْسُومًا مَقْبُوضًا، وَلِأَنَّ الْهِبَةَ تَبَرُّعٌ فَبَدَلُهُ أَيْضًا يَكُونُ تَبَرُّعًا، فَإِذَا أَمَرَهُ بِأَنْ يَتَبَرَّعَ عَنْهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ تَصَدَّقْ عَنِّي.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، فَقَدْ قَضَى عَنْهُ مَضْمُونًا بِإِذْنِهِ فَقَامَ فِيهِ مَقَامَهُ، وَمَنْ لَهُ الضَّمَانُ إذَا أَدَّى يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ، وَهَاهُنَا قَامَ مَقَامَهُ مَنْ أَخَذَ الْعِوَضَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، كَذَلِكَ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ.
٤٦٧ - وَإِذَا وَهَبَ لِإِنْسَانٍ هِبَةً فَعَوَّضَهُ عَنْهَا فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعِوَضِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْهِبَةِ. وَلَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْهِبَةِ فَلِلْمُعَوِّضِ أَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِ الْعِوَضِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعَوِّضَ إنَّمَا رَضِيَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ الْعِوَضِ بِشَرْطِ أَنْ تُسَلَّمَ لَهُ الْهِبَةُ، إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا عَوَّضَ، فَإِذَا لَمْ تُسَلَّمْ لَهُ رَجَعَ فِي الْعِوَضِ كَمَا قُلْنَا فِي الْمَبِيعِ إذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ رَجَعَ فِيمَا بِإِزَائِهِ مِنْ الثَّمَنِ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ رَضِيَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ الْعِوَضُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَهَبَ لَمْ يَمْلِكْ الْعِوَضَ، وَإِنَّمَا مَلَكَ بَعْدَهُ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ لِاتِّصَالِهَا بِعِوَضٍ، وَقَدْ بَقِيَ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute