يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا إذْ لَوْ لَمْ يُعَوِّضْهُ فِي الِابْتِدَاءِ إلَّا هَذَا الْقَدْرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ، فَصَارَ كَمَا لَوْ بَقِيَ الْجَمِيعُ، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهَا، كَذَلِكَ هَذَا، إلَّا أَنَّهُ لَوْ رَدَّ النِّصْفَ الْبَاقِي فَحِينَئِذٍ بَقِيَتْ هِبَةً بِلَا عِوَضٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا.
٤٦٨ - إذَا وَهَبَ لِإِنْسَانِ جَارِيَةً فَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِيهَا فَقَالَ: وَهَبْتُهَا لِي وَهِيَ صَغِيرَةٌ فَكَبِرَتْ وَازْدَادَتْ خَيْرًا، وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ.
وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا فَقَالَ وَهَبْتُهَا لِي وَهِيَ صَحْرَاءُ فَأَنَا غَرَسْتُ فِيهَا وَبَنَيْت وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَيْنَ وَاحِدَةٌ فِي الْجَارِيَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ إفْرَادَ الثَّمَنِ بِالْهِبَةِ لَا يَصِحُّ فَهُوَ لَمْ يَدَّعِ هِبَةَ شَيْئَيْنِ، وَإِنَّمَا ادَّعَى هِبَةً وَاحِدَةً، وَادَّعَى حَقَّ الرُّجُوعِ فِيهِ، وَظَاهِرُ الْعَقْدِ أَوْجَبَ لَهُ حَقَّ الرُّجُوعِ، فَإِذَا أَرَادَ إبْطَالَهُ لَمْ يُصَدَّقْ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأَرْضُ؛ لِأَنَّهُمَا عَيْنَانِ وَيَجُوزُ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالْهِبَةِ فَصَارَ هُوَ يَدَّعِي الْهِبَةَ فِي الشَّيْئَيْنِ وَهُوَ يُقِرُّ بِأَحَدِهِمَا، وَلَا ظَاهِرَ يُكَذِّبُهُ فِي إفْرَادِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إحْدَاثُ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ وَهَبْت مِنِّي هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ وَهُوَ يَقُولُ لَا بَلْ وَهَبْتُك أَحَدَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، كَذَلِكَ هَذَا.
٤٦٩ - إذَا وَلَدَتْ الْمَوْهُوبَةُ لَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْوَلَدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute