سَقَطَ لَا يَعُودُ، كَمَا لَوْ قَالَ وَهَبْت مِنْك الدَّيْنَ الَّذِي لِي عَلَيْك، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَلَمْ يَبْقَ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ، فَلَا يَتَحَالَفَانِ كَالْمَبِيعِ إذَا هَلَكَ، ثُمَّ اخْتَلَفَا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَبِيعُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْعَيْنِ فَإِذَا تَحَالَفَا سَقَطَ حَقُّهُ عَلَى الْعَيْنِ، وَالْحَقُّ إذَا سَقَطَ عَنْ الْعَيْنِ جَازَ أَنْ يَعُودَ كَمَا لَوْ وَهَبَ لِإِنْسَانٍ عَيْنًا، ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ جَازَ، كَذَلِكَ هَذَا، فَقَدْ بَقِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِحَالِهِ فَجَازَ أَنْ يَجِبَ التَّحَالُفُ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نَفْسِ الْبَيْعِ.
٤٧١ - إذَا قَالَ رَبُّ السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: كُلُّ مَا لِي عَلَيْك مِنْ الطَّعَامِ فِي غَرَائِرِي هَذِهِ فَفَعَلَ وَلَيْسَ رَبُّ السَّلَمِ بِحَاضِرٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَبْضًا.
وَلَوْ اشْتَرَى طَعَامًا بِعَيْنِهِ مُكَايَلَةً، وَدَفَعَ إلَيْهِ غَرَائِرَ وَقَالَ كُلُّهُ فِي غَرَائِرَ فَفَعَلَ وَهُوَ غَائِبٌ صَارَ قَابِضًا.
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ عَيْنًا بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ، وَلِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْ يُعَيِّنَ مِلْكَهُ فِي أَيِّ حِنْطَةٍ شَاءَ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْحِنْطَةَ بِتَعْيِينِ الْمُسْلِمِ إلَيْهِ، فَإِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَ فِي غَرَائِرِهِ فَقَدْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ وَيَعْزِلَ بَعْضَ مِلْكِهِ عَنْ بَعْضٍ، وَيَنْفَرِدَ بِتَمَلُّكِهِ، وَبِعَزْلِ بَعْضِ مِلْكِهِ عَنْ بَعْضٍ لَا يَصِيرُ قَابِضًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَفَرَّدَ بِتَمَلُّكِهِ، دَلِيلُهُ لَوْ عَزَلَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُ رَبُّ السَّلَمِ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute