للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ يُوجِبُ ضَمَانَ التَّسْلِيمِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْآبِقِ فَلَمْ يَجُزْ إيجَابُ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، فَصَارَ بَيْعًا لَا يُوجِبُ ضَمَانَ التَّسْلِيمِ، فَكَانَ بَاطِلًا.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْهِبَةُ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تُوجِبُ ضَمَانَ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ، فَاسْتَحَالَ أَنْ يُوجِبَ ضَمَانًا، وَإِنَّمَا يُوجِبُ نَقْلَ الْيَدِ، وَقَدْ نَقَلَ حُكْمَ يَدِهِ إلَيْهِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا.

وَلِأَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْأَبِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَالْهِبَةُ تَقْتَضِي قَبْضَ أَمَانَةٍ، فَصَارَ الْمَوْجُودُ: مِنْ جِنْسِ مَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ قَائِمٌ مَقَامَهُ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي قَبْضًا مَضْمُونًا، وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْأَبِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ، فَلَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ مِنْ جِنْسِ مَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ، فَلَمْ يَصِرْ قَابِضًا مَا لَمْ تَصِلْ يَدُهُ إلَيْهِ.

٤٩٩ - إذَا أَرْسَلَ الْأَبُ غُلَامَهُ فِي حَاجَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ، فَلَمْ يَرْجِعْ الْعَبْدُ حَتَّى بَلَغَ الِابْنُ ثُمَّ رَجَعَ الْعَبْدُ فَقَبَضَهُ الْأَبُ لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ لِلِابْنِ، وَإِذَا تَلِفَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الِابْنِ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْأَبِ.

وَلَوْ اشْتَرَى الْأَبُ غُلَامًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَقْبِضْ فَبَلَغَ الِابْنُ ثُمَّ قَبَضَ الْأَبُ جَازَ قَبْضُهُ لَهُ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ قَبْضَ الْأَبِ مِنْ نَفْسِهِ إذَا بَاعَ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ إنَّمَا يَكُونُ بِحَقِّ الْوِلَايَةِ لَا بِحَقِّ الْعَقْدِ، لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالِابْنِ فِيمَا يَبِيعُهُ الْأَبُ مِنْهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>