لِأَنَّ الْأَبَ مِنْ الْوِلَايَةِ مَا يُخْرِجُ نَفْسَهُ مِنْ الْعُهْدَةِ، وَيَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ بِعَقْدِهِ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ حَقَّ الْقَبْضِ يَجِبُ لِلْأَبِ لَصَارَ مُوجِبًا وَمُسْتَوْفِيًا لِنَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ، فَوَجَبَ أَلَّا يَجُوزَ، فَلَمَّا جَازَ دَلَّ عَلَى أَنَّ حَقَّ الْقَبْضِ يَجِبُ لِلِابْنِ، وَإِنَّمَا يَقْبِضُهُ الْأَبُ لَهُ بِحَقِّ الْوِلَايَةِ، فَإِذَا بَاعَ زَالَتْ وِلَايَتُهُ فَصَارَ هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ، فَلَمْ يَقَعْ قَبْضُهُ لَهُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدِ وَهُوَ الْأَبُ، وَالْقَبْضُ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ، فَوَجَبَ لَهُ حَقُّ الْقَبْضِ بِالْعَقْدِ لَا بِالْوِلَايَةِ، وَالْعَقْدُ بَاقٍ فَبَقِيَ حُقُوقُهُ، فَإِذَا قَبَضَهُ جَازَ كَمَا لَوْ كَانَ وَكِيلًا لِبَالِغٍ.
٥٠٠ - إذَا أَوْدَعَ رَجُلًا شَيْئًا فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ الْتَقَيَا وَلَيْسَ الشَّيْءُ بِحَضْرَتِهِمَا فَوَهَبَهُ مِنْ الْمُودِعِ جَازَتْ الْهِبَةُ وَصَارَ قَابِضًا.
وَلَوْ بَاعَهُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ حَتَّى تَصِلَ يَدُهُ إلَيْهِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ كَالْهِبَةِ، وَالْهِبَةُ تَقْتَضِي قَبْضًا غَيْرَ مَضْمُونٍ، فَصَارَ الْمَوْجُودُ مِنْ جِنْسِ مَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ، فَنَابَ مَنَابَهُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبَيْعُ، لِأَنَّ الْبَيْعَ يَقْتَضِي قَبْضًا مَضْمُونًا، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ، فَصَارَ الْمَوْجُودُ مِنْ الْقَبْضِ غَيْرَ مَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ فَلَمْ يَقَعْ عَنْهُ.
٥٠١ - وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى وَهَبَهُ لِلْبَائِعِ وَقَبِلَهُ الْبَائِعُ كَانَتْ الْهِبَةُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute