وَفَرْقٌ آخَرُ: أَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ بِالْبَيِّنَةِ يُوجِبُ الْحَيْلُولَةَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمَالِ كَالْجُنُونِ وَالصِّبَا وَالْغَيْبَةِ، وَلِلْقَاضِي وِلَايَةٌ فِي بَيْعِ مَالِ هَؤُلَاءِ، كَذَلِكَ هَذَا، فَثَبَتَ لَهُ الْوِلَايَةُ فِي بَيْعِهِ، وَثُبُوتُ الْوَصِيَّةِ فِي الْعَيْنِ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي كَمَا لَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ لِإِنْسَانٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَلِلْمَيِّتِ مَالٌ غَائِبٌ دَيْنًا فَبَاعَ الْقَاضِي الْعَبْدَ فِي دَيْنِهِ، ثُمَّ أَحْضَرَ الْمَالَ الْغَائِبَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ، فَدَلَّ أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي فِي بَيْعِهِ بَاقِيَةٌ، فَجَازَ بَيْعُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْعَيْنِ سَبِيلٌ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةً فِي إيجَابِ الْوَصِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ فَلَمْ يَنْقَطِعُ حَقُّهُ عَنْ الْعَيْنِ، فَجَازَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ.
٦١٣ - وَإِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِهَذَا الْعَبْدِ، فَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي لَهُ، وَأَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّهُ أَوْصَى بِهَذَا الْعَبْدِ لِهَذَا الرَّجُلِ الْآخَرِ وَجَحَدَ الْوَصِيَّةَ لِلْأَوَّلِ ثُمَّ زَكَّى شُهُودٌ الْأَوَّلَ، فَقَضَى الْقَاضِي بِالْعَبْدِ لَهُ وَأَبْطَلَ وَصِيَّةَ الْمُقَرِّ لَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْعَبْدَ، ثُمَّ إنَّ الْوَارِثَ اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ الْمُوصَى لَهُ لَمْ يُعْتَقْ الْعَبْدُ بِالْعِتْقِ الْأَوَّلِ حَتَّى يُجَدِّدَ عِتْقًا
وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، فَأَعْتَقَهُ الْمُوصَى لَهُ ثُمَّ يُبْرِئُ الْغُرَمَاءُ الْمَيِّتَ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ عِتْقِ الْمُوصَى لَهُ عَتَقَ بِعِتْقِهِ الْأَوَّلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute